بالرغم من مساحيق التجميل الني يستعملها النظام الفرنسي من اجل اخفاء وجهه القبيح ، الا ان حقيقته الاستعمارية سرعان ما تنكشف .
وقد جاء التصريح الاخير للسفير الفرنسي “سيلفان ايتي” لدى دولة النيجر , لياكد الطابع الاستعماري الاستعلائي الذي يحكم هذا النظام .
” توقفوا عن شرب المياه لأنها أوروبية”، هكذا خاطب ممثل فرنسا الشعب في النيجر، تصريح جديد ينظم الى سلسلة طويلة من الخرجات التي عودنا عليها المسؤولون الفرنسيين .
لا يمكن اعتبار هذا التصريح تصرفا منفردا وخاصة انه صدر هذه المرة من مسؤول ديبلوماسي لا يزال في الخدمة، بل يمكن اعتبار ذلك كلحظة حقيقة كشفت عن الحقد الدفين الذي تكنه فرنسا لافريقيا و للشعوب الافريقية.
اما بالنسبة للشعوب الافريقية والتي عانت ولا تزال تعاني من بطش هذا الاستعمار و الاستعباد لعدة قرون، ها قد حلت لحظة تارخية من اجل العمل على مناهضة كل اشكال الاستعمار والذي عاد بحلة جديدة.
إستعمار جديد باساليب حروب من الجيل الجديد، هدفها سرقة ترواث القارة الأفريقية بابخس الاثمان.
فالبنسبة لفرنسا قارة افريقيا هي عبارة عن مجرد منجم مليئ بالترواث الطبيعة ، والاستراتجية التي ينتهجها الفرنسيون هي نفسها مند ان وطات قدم اول جندي فرنسي ارض القارة السوداء.
والمؤشرات تقول ان فرنسا ستعمد الى تكثيف مناوراتها بهدف تحطيم كل فكر منائي لها.
فزاعة الإرهاب و البعد الاستراتيجي لأوروبا:
سنة 2012 كانت مفصلية بالنسبة للمستعمر الجديد ، وقد أستعمل مشروع محاربة الارهاب كذريعة للعودة بكل قوة لمستعمراته القديمة.
ورغم مرور اكثر من 10 سنوات، عن التدخل الفرنسي في مالي الا ان هذا لم يكن كافيا لانجاز تقدم في محاربة هذه الآفة الخطيرة, بل العكس من ذلك فالتقارير اصبحت تشير الى رصد زيادة انتشار رقعة اللا امن في افريقيا وخاصة دول الساحل.
والاخطر من ذلك كان ما اعلن عنه مؤخرا رئيس الحكومة الانتقالية لدولة مالي، “اسيمي غويتا”، حيث كشف هذا الاخير عن امتلاك بلاده ادلة عن تورط مباشر لضباط مخابرات فرنسيين “DGSE” في تمويل جماعات ارهابية بالمال والسلاح والمعلومات.
وفي هذا السياق فقد اشارت معلومات استخبارتية عن قيام السلطات الفرنسية بعمليات فدية ، حيث يتم تبادل رهائن بارهابيين تم اعتقالهم في عمليات عسكرية مختلفة.
من جهة اخرى، عمدت الدولة العميقة في فرنسا لإدراج شركاء اوروبيين تحت مسمى “task force takuba” .
هذه الخطوة الفرنسية لم يكن الغرض منها مكافحة الإرهاب، وإنما إعطاء هذه العمليات شرعية دولية وتقاسم المسؤولية في حال وقوع اي تجاوزات.
بالنسبة للشركاء الاوروبيين الامر سرعان ما انكشف ، فالطرف الفرنسي لم يكن يهمه مكافحة الارهاب بل حماية مصالحه مثل مناجم الذهب واليورانيوم.
هذا ما دفع ببعض الدول الاوربية كالمانيا وبريطانيا لابداء استيائها من اللعبة الفرنسية في افريقيا.
وقد استعملت الغرف المظلمة لل ” الكي دورسيه” عمليات محاربة الإرهاب كدريعة كان الهدف منها فرض حالة اللا استقرار واللا امن في افريقيا ما يفسح المجال امام مزيد من سرقة مقدرات هذه القارة.
فزاعة فاغنر وحماية البعد الاستراتيجي والأمني لاوروبا :
بعد انكشاف فزاعة وخزعبلات الإرهاب، لم تجد دوائر صناعة الاكاذيب في النظام الفرنسي الى “غول” فاغنر من اجل تحويله الى بعبع جديد.
الاكتشاف الجديد لوسائل الاعلام الفرنسي سرعان ما تم طرحه في السوق ، نعم فقد اصبحت مجموعة “فاغنر” كلمة السر الجديدة التي يجب ان نخيف بها الافارقة وان نستعملها كدريعة لجلب الدعم الغربي.
مواجهة التمدد الروسي داخل منطقة الساحل والصحراء، شعار فعال ومثير بالنسبة للنظام الفرنسي، وفي نفس الوقت حيلة سهلة وسريعة من اجل إقناع الشركاء الغربيين مرة أخرى وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية .
وقد تجلت هذه الاستراتجية الفرنسية خلال الزيارة التي اجراها ماكرون إلى بعض الدول الأفريقية، فالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ركز في تصريحاته على خطورة مجموعة فاغنر الروسية و على الامن والاستقرار داخل القارة الأفريقية محاولا بذلك صرف الأنظار على أعمال فرنسا العدوانية في المنطقة وتقديم التواجد الروسي، الصيني وحتى التركي، ككبش فداء.
وقد اعتمد ماكرون في ذلك على ترسانته الاعلامية التابعة لجهاز المخابرات الخارجية DGSE وهذا وفق الاستراتيجية الإعلامية الحربية المبنية على الترهيب والتخويف.
موقف الطرف الامريكي
يمكن ان نقول ان أمريكا لا تنوي الدخول في صراع عسكري بالوكالة مع روسيا داخل القارة الأفريقية بل يكمن هدفها الاستراتيجي المرحلي في كسب ود الافارقة عن طريق السلاح الاقتصادي
والأمر الذين يدعم هذا الطرح هو البرودة التي تشهدها العلاقات الأمريكية الفرنسية منذ قضية الغواصات و خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بتوصية من البيت الأبيض
أيضا يمكن الاشارة الى ما تم ملاحظته من تردد فرنسي فيما يخص قضية دعم حكومة زيلنسكي .
فقد تم في العديد من المرات تسجيل مواقف سلبية فرنسية و نخص هنا بالذكر قضية دبابات لوكلير و الطائرات المقاتلة الفرنسية، وهذا خلافا على الجانب البريطاني والأمريكي و الذي أظهر دعمه المطلق لكييف من خلال تلبية كل طلبات زيلنسكي.
خلاصة القول
ناكد مرة اخرى ان طلاسم لعبة فرنسا الاستعمارية في افريقيا قد أصبحت مكشوفة و التواجد الفرنسي في المنطقة أصبح مرفوضا جيوسياسيا من طرف الولايات المتحدة الأمريكية وحتى من قبل الدول التي تحمل الفكر القومي التحرري أمثال الجزائر .