من خلال خطاب متلفز على الطريقة الامريكية، كشف امس الرئيس ماكرون عن سياسة “فرنسا الجديدة” في افريقيا.
وقد جاء هذا الخطاب عشية جولة من المزمع ان يقوم بها الرئيس الفرنسي “ايمانويل ماكرون” الى القارة السمراء ستشمل كل من الغابون وأنغولا وجمهورية الكونغو برازفيل.
خطاب ماكرون كان عبارة عن خريطة طريق تضمنت الخطوات المستقبلية التي ستنتهجها باريس في مجايهة جائحة ٫ “طرد كل ما هو فرنسي” من القارة السمراء.
و فور الانتهاء من عرض الفلسفة الجديدة لفرنسا في افريقيا تم فتح المجال لإلقاء مجموعة من الاسئلة.
وقد وجه احد الصحفيين المغاربة سؤالا لماكرون عن سر تأخر الإعلان عن زيارة ماكرون إلى المغرب مشيرا في سؤاله إلى تدهور العلاقات الدبلوماسية بين كل من فرنسا، الجزائر والمغرب ؟
ماكرون وكعادته المعروف بها اختار طريق الهروب والمناورة في اجابته على سؤال الصحفي المغربي.
“لدي علاقة صداقة شخصية مع محمد السادس لكن العلاقات الرسمية تأثرت كثيرا بعد فضائح ماروك قايت و قضية التجسس. هل فرنسا مسؤولة على تدهور العلاقات ؟ هكذا جاء جواب الرئيس الفرنسي.
مرواغة اخرى جديدة استطاع ان ينفذها ماكرون بنجاح لدى تطرقه لقضية أميرة بوراوي الرعية الجزائرية و التي تم اجلاءها بطريقة سرية إلى فرنسا عن طريق مجموعة لها علاقة مع جهاز المخابرات الخارجية الفرنسي DGSE.
ساكن “الايليزيه” ولدى حديثه عن البربوزة استعمل مصطلح “عودة” Retour عوضا من هروب أو إجلاء .
وبوضوح تام، أظهر ماكرون رغبته في عدم الاعتراف بهذا العمل الغير القانوني والغير الدبلوماسي، معبرا في نفس السياق عن اسفه عن الجدل الكبير الذي عرفته قضية بواروي.
من هم مجموعة “الأطراف” ؟
ولعل النقطة الاكثر اهمية في اجابته كانت إعترافه العلني لوجود ما سماهم ب”أطراف” .
هذه ” الأطراف” سعت و تسعى منذ مدة على تلغيم العلاقات الجزائرية الفرنسية ، حسب ما قاله الرئيس ماكرون.
هذا الجواب يمكن اعتباره محاولة فرنسية من اجل تهدئة حدة الصراع في العلاقات بين البلدين و ذلك من خلال ايجاد مبرر لهذا العمل المنافي للأعراف الدبلوماسية.
لكن هل تجد ذلك كافيا يا سيد ماكرون ؟ ومن هي هذه الأطراف؟( ربما سنكشف لك سيد ماكرون عن ماهية هذه الأطراف اسفل المقال)
انك اليوم سيادة الرئيس تعترف علنا أنك غير قادر على الوفاء بكل التعهدات و الالتزامات التي قدمتها منذ زيارتك الأخيرة إلى الجزائر.
وهل تعلم ان الشعور المعادي للتواجد الفرنسي في افريقيا، تقف وراؤه مجموعة “الأطراف” التي تحدثت عنها في خطابك ؟
وكاشارة عن هوية هذه الجماعة، فاعلم انها نفسها الأطراف التي وضعت الاستراتيجية السياسية الفرنسية الجديدة في أفريقيا و التي قد كلفت بقراءتها ودعمها سياسيا ودوليا .
تقليص النفود العسكري الفرنسي في افريقيا
مرة اخرى، وجب الوقوف مليا في خطاب ماكرون عند الجزء الخاص بتقليص النفوذ العسكري في بعض البلدان الافريقية
في هذا السياق ماكرون قال “Une présence militaire française réduite et prescrite selon les besoins des états africains partenaires”
الترجمة: “تواجد عسكري فرنسي مقلص ويكون حسب طلب الدول”
فاي جديد اذا تحمله هذه النيوسياسة الفرنسية في افريقيا؟
فاذا تواصلت سياسة فرنسا في نهب و سلب ثرواث القارة السوداء، فسيكون الشيئ الوحيد الجديد في هذه السياسة هو الشعار .
نعم من حق كل الدول الدفاع عن مصالحها الاقتصادية و الجيوسياسية لكن ليس من حق أي أحد التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
أفريقيا للأفارقة ولا للتواجد الفرنسي
حذاري شعار جديد! “افرقة فرنسا”وحسب ما قاله ماكرون فسيكون ذلك بديلا عن “فرانس-افريك”. كعادته المغالطات الفكرية حل سهل في يد المستعمر من اجل اخفاء اهدافه الحقيقية.
لكن هذا النوع من الحلول اللا ابداعية، ياتي لياكد ان فرنسا الغير الرسمية قد اصبحت تعيش ركودا وفقرا حتى في الخطاب السياسي المقنع.
وفي عملية تدوير لنفس الخطاب الاستعماري القديم، ها هو الرئيس الحالي لفرنسا وبصفته مصرفيا سابقا ، يتعنت في اعطاء تشخيص مناسب لمنظومة “CFA” المالية .
فعملة “CFA” ، احدى ادوات النهب الاقتصادي لافريقيا، هذا السلاح الاقتصادي للاسف في نظر ماكرون لا يزال يملك مبررات لبقائه.
وخلاصة الكلام يمكن القول ان
ماكرون اخذ وقتا طويلا في استعراض الاستراتيجية السياسية الجديدة في أفريقيا لكن مضمون ورقته يمكن تلخيصها في جملة واحدة “لقد استهلك من قبل”.
و ما يعاب على الغرف المظلمة في فرنسا هو افتقارها لعنصر المفاجئة و الاقناع في تقديم هذا المشروع النيوفرنسي.
فكل من ملف مكافحة الإرهاب، الاحتباس الحراري، الصحة والتعليم، التنمية المحلية، الرياضة والتنفس وألعاب القوى وغيرها من الأهداف الفضفاضة لا ترقى لإقناع الطرف الأفريقي الذي هو اليوم مصمم أكثر من أي وقت مضى على اخذ مصيره بيده.
وفي هذا الطريق يمكن للقارة السمراء اليوم ان تجد في الجزائر ذلك السند الشامخ والقوي من أجل بعث مشروع التنمية الافريقي.
وفي هذا السياق فقد اعلنت عدة دول افريقية صراحة رغبتعا في الانظمام لمشروع الجزائر الجديدة والتي اعلن عنها الرئيس عبد المجيد تيون.
مشروع جديد يمر عبر تعزيز سيادة القرار الأفريقي و مواكبة للتطورات الحاصلة على الساحة الإقليمية والدولية.
اما شطحة ماكرون امس او ما سمي ب “النيوفرنسا في افريقيا” فيمكن اعتبارها ،كونطر خطة ” او خطة منافسة لاجندة الرئيس تبون، و الذي أعلن مؤخرا عن إنشاء وكالة جزائرية للتعاون الدولي للتضامن والتنمية ، كما اعلن الرئيس الجزائري عن تخصيص مبلغ مليار دولار من أجل التنمية في القارة الأفريقية كخطوة فعالة وجادة لهدف تحقيق الصحوة الاقتصادية و التنموية.
وها هي اليوم مجموعة “الاطراف” او عصابة ( اللوبي الصهيوني-الفرنسي-مغربي), قد جندت قواها من اجل ضرب المبادرة الاصلية للرئيس تبون “الجزائر الجديدة”.