جرس الحرب يعود ليدق من جديد عند التخوم الشرقية للقارة العجوز، ليعيد للاذهان ذكريات اهوال الحربين العالمتين وماخلفتهما من قتل ودمار وفقر في اوروبا.
الاوربيون ظنوا ان زمن الصراعات والحروب قد انتهى بلا رجعة، لكن هاهي الحرب الاوكرانية، تعود لتذكرهم بابشع كوابيسهم.
و على الرغم من ان ساحة المعركة لحد الساعة لازالت محسورة في الجغرافيا الاوكرانية الا ان ذلك لا ينفي فرضية توسعها لتشمل دولا اوروبية ، وذلك في حال اطالة امد النزاع المسلح.
ويبدوا ان الطرف الاوروبي قد فهم خطورة الوضع الذي تم جره اليه ، حيث شهدت مؤخرا اروقة السياسة في الاتحاد تحركات ديلوماسية من اجل الدفع في اتجاه ايجاد حل سريع لانهاء الحرب الاوكرانية.
فدول فاعلة اوروبيا كفرنسا وألمانيا وبروكسل تيقنت اليوم ان عامل الوقت ليس في صالحها، فالاتحاد يزداد هشاشة يوما بعد يوم، و اطالة زمن الحرب قد يأدي الى انفجاره داخليا.
حالة الكساد الاقتصادي الذي يشهده العالم قد ارخت بظلالها على اوروبا ، ما عكس تسجيل انحسار كبير وسريع في الدور الذي كانت تشغله السياسات الاوربية على الساحة الدولية.
و الحالة الفرنسية هي احسن مثال عن حالة الانكماش في قوة الهيمنة الغربية، فها هي باريس اليوم وقد اصبحت عاجزة تماما عن فرض منطقها الاستعماري الامبريالي داخل القارة الأفريقية.
خلاصة القول كلما طالت الحرب الاوكرانية ،انعكس ذلك في مقام اول وبصفة حادة على دول الاتحاد لذلك وجب ايجاد حل سريع لوقف ذلك.
وفي هذا السياق كشف مؤخرا تقرير تم نشره في صحيفة “وول ستريت جورنال ” الامريكية ، ان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد عرض بطريقة غير مباشرة على نظيره الاوكراني فلوديمير زيلنسكي و الذي كان في زيارة إلى باريس يوم الثامن من فيفري 2023″ أن يحضر نفسه لعقد مفاوضات مع نظيره الروسي فلاديمير بوتن ، لأنه وبكل بساطة لا جدوى من استمرار العمل العسكري”
واضاف التقرير قائلا أن ماكرون حاول إقناع نظيره الاوكراني زيلنسكي بقوله :” كنت قائد حرب مثالي لكن حان الوقت الآن لكي تصبح رجل دولة وتتخذ قرارات مصيرية”
و يؤكد نفس المصدر ان ماكرون قال :” حتى الأعداء المقتتلين مثل ألمانيا وفرنسا وجب عليهم الذهاب إلى عقد سلام بعد الحرب العالمية الثانية…”
هذه الدعوة الفرنسية لانهاء الحرب الاوكرانية قد جاءت لتكشف ان ماكرون كبقية القادة الاوربيين لم يعد يؤمن كثيرا بفكرة انتصار الجيش الاوكراني في حربه ضد روسيا.
من جهة اخرى فان الاوضاع الاجتماعية والسياسية المتازمة داخل اوروبا ، قد قلصت من حجم المساعدات التي تم توجيهها نحو اوكرانيا.
وقد كان التعاطي الايجابي الفرنسي مع فكرة مشروع الوساطة الصينية ، مؤشرا اضافيا للتوجه الاوروبي نحو البحث سريعا عن حل لوقف هذه الازمة.
” مسعى الجزائر” مشروع وساطة من اجل عقد سلام بين روسيا واوكرانيا
من جهة اخرى و حسب ما كشفت عنه بعض الاخبار، فقد تم طرح “مسعى الجزائر” كمسار جديد من اجل جمع الروس والاوكران على طاولة المفاوضات.
واستنادا لنفس المصادر فالرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يكون قد قاد بنفسه مسعى الصلح بين الطرفين الروسي و الاوكراني.
وللاشارة فقد استضاف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ، خلال الايام الماضية، رئيس مجلس الامن القومي الروسي .
موقف أمريكا ومصير حلف الناتو؟
مقارنة بالدبلوماسية الاوربية يمكن القول ان الدبلوماسية الامريكية تحت قيادة الرئيس”جو بايدن” قد اظهرت اندفاعا واضحا من اجل اطالة امد الحرب، وقد تجلى ذلك من خلال الدعم اللا مشروط لزيلنسكي وهذا ماحاول الرئيس بايدن اظهاره خلال زيارته المفاجئة لكييف.
هذا التباين في وجهات النظر الغربية بين الاتحاد الأوروبي وأمريكا يمكن أن يمثل مؤشرا قويا عن وجود تصدع داخل حلف النيتو.ما يفتح الباب واسعا امام مآلات الوضعية الجيوسياسية المقبلة للعالم و التي ستشهد لا محالة مزاملة العدو ومعادات الصديق.
وما التقارب الألماني الاقتصادي والطاقوي مع بعض الدول النافذة داخل مجموعة البريكس الا مجال آخر نحو ايقاء باب الاحتمالات مفتوحا .