انه زمن البريكس…فهل فهمت السعودية وايران اللعبة ؟

شكل الصراع الإيراني السعودي احد اهم ركائز ما سمي”الفوضى الخلاقة” ، هذا المشروع والذي من خلاله حاولت الادارة الامريكية و “ربيبتها” العبرية ايقاء سيطرتها المطلقة على منطقة الشرق الاوسط.

لكن رياح التغيير الدولي التي هبت مؤخرا على الساحة الدولية، بدأت  تكشف لنا عن مشهد جديد هو الٱن قيد التجلي امام اعيننا.

فالعلاقات السعودية الايرانية، ظلت لعدة عقود حبيسة تجاذبات جيوسياسية طبعتها الهيمنة التي مارستها القطبية الاحادية ونخص هنا أمريكا، الاتحاد الأوروبي والكيان الصهيوني،  هذا المعسكر الغربي والذي عمل على ديمومة وابدية هذا الصراع الاديولجيي بين الدولتين الجارتين السعودية وايران.

وقد خلف هذا الصراع انعكاسات أمنية خطيرة على منطقة الشرق الأوسط ، والتي وصل صداها حتى بلغ منطقة الدول المغاربية اول ما يسمى دول شمال افريقيا.

وفي هذا السياق فقد مثل الاعلان الاخير  لاستئناف العلاقات الإيرانية السعودية زلازالا جيواستراتيجي مركزه منطقة الشرق الاوسط لببلغ صداه  اقصى المغرب العربي، حيث وجدت المملكة المغربية، ان احلامها السياسية التوسعية  قد تحولت في ليلة وضحاها لمجرد سراب .

قطار القومية التحريرية لا ينتظر المتخاذلين المطبعين

ان الثورة السياسية الثقافية والدفع باتجاه التغيير الجذري في النظرة الدبلوماسية للمملكة العربية السعودية، انعكس في شكل قرارات مصيرية يمكن لها تعديل خارطة موازين القوى داخل منطقة “مينا” والا الأبد.

هذا الاتفاق الايراني السعودي كان بمثابة اطلاق رصاصة رحمة نحو راس احد اهم الصراعات و التي كانت تنهش جسد الوطن العربي (نقصد هنا الصراع الطائفي الديني) .

واقع الحال يقول ان العلاقات الإيرانية السعودية ظلت لعدة سنوات رهينة تلاعبات قوى عالمية غربية، حيث استثمرت هذه الاخيرة بشكل كبير في مشروع اطالة امد الصراع ، مغلقة المجال امام اي فرصة للتقارب بين البلدين .

لكن ظهور قوى عالمية شرقية ، ادى الى كسر ذلك الجمود، وقد شكل الثنائي الروسي الصيني، قطبا وازنا اظهر رغبة كبيرة في لعب دور فعال في تشكيل نظام عالمي جديد مبني وفق ظوابط جديدة .

و قد كانت الضمانات التي قدمها هذا الحلف الشرقي الجديد، و خاصة في الشق الامني كافية بان تنهي زمن التجادبات التي طبعت العلاقة الايرانية السعودية، فالقاعدة السحرية بسيطة “إيران لا يمكنها الاعتداء على السعودية ولا السعودية بإمكانها المساس بإيران”.

ان هذا الاتفاق السعودي الايراني تحث مظلة صينية، روسية يمكن ان يدفع نحو تخفيض قوي في حدة التوتر الاقليمي في الشرق الاوسط مع إمكانية تطور هذا التقارب إلى تعاون اقتصادي في بعض المجالات.

فمشروع التصالح السعودي الايراني في حالة تطويره يمكن ان يشكل مفتاح الحل لازمات المنطقة ، ولا نستبعد ان تشهد الأيام القليلة القادمة، انظمام دول  كالإمارات العربية المتحدة الى النهج السعودي.

وهنا يمكن ان نشير ان عودة العلاقات السورية السعودية و السورية الإماراتية، كان ضمن المؤشرات الواضحة والجلية على الانعطافة الجيوسياسية الكبيرة التي سيكون لها ايضا لا محالة انعكاسات على الأزمة في دول اخرى كاليمن ولبنان.

البريكس ودوره في التقارب السعودي الإيراني:

ان الرغبة الكبيرة التي اظهرتها المملكة العربية السعودية في اللحاق بمجموعة البريكس كانت الحلقة الفاصلة في فض السجال والتوتر الدبلوماسي بين البلدين، فالمقومات الطاقوية والمادية تبقى غير كافية للاندماج داخل دول البريكس ، حيث أن عنصر الاستقرار السياسي و الايديولجي يبقى هو المحرك الأساسي لهذا التكتل الاقتصادي العالمي، مما دفع بالسعودية وغيرها من الدول الى مواؤمة استراتيجيتها ونمطها الدبلوماسي مع متطلبات المرحلة.

هذه التغييرات الجوهرية في موازين القوى العالمية ، شكلت خطرا وجوديا بالنسبة للمخطط الصهيوني في المنطقة، هذا الكيان والذي يبدوا انه لا زال في مرحلة صدمة يمكن ان لا يخرج منها الا وقد وجد نفسه مطرودا بدون رجعة.

Exit mobile version