ان ازمة التضخم العالمية وفترة الكساد المزمن الذي شهدته مختلف الاسواق المالية منذ بداية سنة 2020، كان مؤشرا قويا على بداية حدوث تحولات جذرية داخل النظام المالي العالمي والذي ظل لعدة عقود مرتبطا بالهيمنة الامريكية.
وقد جاء الاعلان الاخير عن افلاس احد اهم المصارف الامريكية “سيليكون فالي بنك” ، ليعيد للاذهان مشاهد الازمة الاقتصادية سنة 2008.
“سيليكون فالي بنك”, وهو احد اهم رموز التفوق المصرفي المالي في امريكا (المرتبة 16), وبحجم اصول بلغ 200 مليار دولار وقد ارتبط اسم هذه المؤسسة المالية بمشاريع التكنلوجيا الحديثة “Start up”.
حتمية الازمة و استغلالها في خلق الفرص
ان عملية الاعلان عن إفلاس اي مصرف ليس امرا بسيطا او سهلا، وخاصة اذا كان الامر يتعلق الامر بالسيليكون فالي والتي كانت رمزا للسيطرة التكنلوجية الامريكية.
ان الارتباط شبه المطلق للنظام المالي العالمي بالبنك المركزي الامريكي ،سيجعل من اي خطوة امريكية عملية معقدة تداعياتها لاتقف محليا بل لها تاثير مباشر على سيرورة نظام عالمي باسره.
و حتمية الاعلان عن افلاس”سيليكون فالي بنك” لعجزه لم تمنع لوبي المال-السياسي في امريكا من ان يستغل الافلاس لصالحه .
فالبرغم من الضرر الكبير الذي الحقته هذه الازمة بالوضع الاقتصادي للولايات المتحدة الامريكية، الا ان صانع القرار الامريكي لم يتوانى في استغلال التداعيات من اجل توجيه ضربة لبعض الدول التي اظهرت مؤخرا نوعا من العصيان لاوامره .
ومن بين تلك الدول يمكن ذكر المثال السعودي الإماراتي، هاتين الدولتين الشرق اوسيطتين و على خلفية التغيير الذي ظهر على استراتيجيتهما المتبعة مع أمريكا والكيان الصهيوني ، و الذي ظهر جليا من خلال ربطهم علاقات مع كل من روسيا والصين .
هذه الانفتاح السعودي الاماراتي في اتجاه حلف البريكس، دفع بالادارة الامريكية الى مواجهة ذلك عن طريق حرب مالية خفية.
وهذا الافلاس الاخير للمصرف الامريكي بالذات قد اخفى في جوانبه تبخر الودائع السعودية والإماراتية التي كانت مجدولة ضمنه.
فالعملية ظاهرها افلاس لكن باطنها أشبه بعقوبات اقتصادية ومالية على السعودية والامارات.
صراع جيوسياسي ضد المخططات الصينوروسية في منطقة الشرق الأوسط
ان الصراع القائم اليوم، في رسم خرائط العالم الجديد قد دفعت الى ظهور خلافات داخل الحلف القديم، فدول كالامارات والسعودية والتي كانت بالامس القريب تسبح في فلك الهيمنة الامريكية، وجدت نفسها اليوم امام خيار ثان وهو الحلف الصينوروسي.
هذا الخيار الجديد والذي فرض نفسه دوليا، دفع بالولايات المتحدة الى الاسراع في محاولة انقاد ما يمكن انقاده او في اسؤ الاحوال التقليل ما امكن من حجم الخسائر.
وقد ظهر ذلك من خلال استغلال خسائر الازمة المالية من اجل معاقبة دول في الشرق الاوسط و التي اظهرت خروجا عن الصف الامريكي.
وقد تبع هذا القرار، محاولة واشنطن الاخيرة والتي اعلنت من خلالها انها تريد سن قوانين جديدة في مجال الطاقة العالمية .
واشطن ومن خلال من حجة الأزمة الاقتصادية العالمية ، تعمل اليوم من أجل الرفع من وتيرة انتاج النفط العالمي وذلك ما يمكنها من ابقاء مصير البنوك العالمية مربوطا بنسبة إنتاج البترول .