عندما يبدأ الذعر المصرفي تختلط الأمور…تصبح النقود مجرد أموال للقرود

لقد تم في صبيحة تاريخ العاشر من مارس المنقضي الإغلاق الإداري لبنك ال”سيليكون فالي” المختص في رؤوس الأموال الاستثمارية و تم ذلك من قبل فرع كاليفورنيا للمؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع و هي الهيئة المسؤولة عن ضمان الودائع الأمريكية, بعد أن بدأ عملاؤها ، الخميس والجمعة 10 مارس ، سحب أموالهم بشكل جماعي.
للإشارة أن المؤسسة الأمريكية المذكورة كانت تصنف في الصف السادس عشر بأصول 210 مليارات دولار (197 مليار يورو),وتعتبر هذه النكبة المصرفية التي تعرض لها بنك “سيليكون فالي” أكبر فشل مصرفي منذ الأزمة المالية الكبرى في عام 2008 استنادا إلى ما جاء على صدر صفحات جريدة “لوموند” الفرنسية.
و يتعرض بنك آخر يتواجد أيضا مقره في مدينة فلوريدا لنفس السيناريو و يتعلق الأمر ب”البنك الجمهوري الأول” الذي يحصي هو الآخر آخر أنفاسه في عالم المال و الأعمال في انتظار انسحابه من الساحة المصرفية.

و السؤال الذي يبقى مطروحا من هي المؤسسات البنكية التالية؟

و في واقع الأمر فإن الودائع التي يضعها المواطنون تحت تصرف البنك قد تضاعفت بنسبة ثلاث مرات فمنذ فترة كورونا المخادعة اضطرت البنوك لتحويل هذه الودائع إلى سندات أمريكية من أجل الحصول على استثمار آمن ومصدر دخل ، مع الارتفاع المالي الفاحش.
و المشكلة المطروحة خلال هذه الوضعية هي أنه إذا زاد سعر الفائدة بنسبة 1٪ ، فإنه يعادل ناقص 9 أو حتى 10 أشهر على سندات 10 سنوات.
حيث لا تزال الولايات المتحدة تمتلك الدولار الذي يسمح لهم بتشغيل المطبعة بالشكل الذي يرونه مناسباً ، بالنظر إلى أن بقية العالم هو الذي يمول اقتصادهم!.

فإذا ما استمرت أمريكا في اللعب على وتر تكثيف طباعة الدولار بينما الروس يديرون عجلة الصناعة العسكرية فإن هذه السياسة ستؤدي حتما إلى خفض أسعار الفائدة الأمريكية و هذا ما يطلق عليه تأثير الفراشة أو بمعنى أوضح فإنه يجب على البنوك تسديد السندات بحد أقصى 0.50٪ عندما تصل إلى تاريخ الاستحقاق وإعادة التمويل بنسبة 4٪ ، وهو أمر من الواضح أنه لا يمكن تحمله لأي متعامل اقتصادي.

في نهاية المطاف, يتعين على البنوك المركزية, حتى لا تفقد السيطرة أن تقلل من التوسع الائتماني لكبح الحجم الحتمي لحجم الفقاعة و هو مصطلح اقتصادي يحاكي دوامة التضخم.
لذا فإنه بمجرد أن لا ينمو الائتمان بشكل أسرع ، يبدأ الهواء في الهروب من فقاعات الأصول المالية و تتفجر فقاعات الأصول الائتمانية العالمية, ويوشك عندها “الازدهار” الوهمي الذي ولّدته الفقاعات على الانهيار من الهاوية.

عندما تتحول النقود لمجرد أموال القرود

إذا اخدنا كمثال , فسعر قضاء عطلة في منتجع فاخر والتي تقدر ب 20000 دولار ،كان الغداء 80 دولارًا للزوجين (اثنان من توست الأفوكادو ومشروبين): كان كل شيء خطأ … ففي هذه الحالة تصبح النقود مجرد أموال القرود!.
و علاوة على هذا المثال, فإن هذه “القيم الوهمية” تستند فقط إلى “التقديرات”,أي بلغة أكثر مباشرة: إنها تكهنات بحتة, ولا يوجد خلق ثروة حقيقية.

و من هذا المنطلق الكارثي يكفي ، فقط ، إلقاء نظرة على العملات المشفرة, شركات “حاضنة الشركات الناشئة” والشركات الناشئة نفسها التي اختلس مؤسسوها الأموال أمثال(CF. Ouama Anmar / “The Family”) و ” المبتدئين “الذين يبذرون الأموال أو التطبيقات غير المجدية التي” تغازل “عملية الاحتيال!.

هروب بنك “روثشيلد” مر مرور الكرام

و لتأكيد ما يجري في الوقت الراهن في عالم المال و الأعمال فإنه دونما شك فالجميع يكون قد لاحظ قبل بضعة أسابيع أن بنك “روثشيلد” قد قرر “مغادرة بورصة باريس” ليصبح “بنكًا عائليًا” مرة أخرى و هو ذات العائلة لطالما عودت العالم تطبيق مقولة (تغادر الفئران السفينة عندما تشعر أن الأمور ستغرق,خاصةً عندما تكون هي نفسها التي قضمت هيكل السفينة!).

و ما يحدث في العالم الآن قبل الإنهيار الوشيك هو تعامل الميليارديرات بمنطق التسريبات خصوصا من اجهزة المخابرات تماما كما يحدث مع رجل الأعمال صاحب الثروة “بييتر ثيل” المقرب من وكالة الاستخبارات الأمريكية “سي.آي.أي” الذين باتوا يخبرون رفاقهم و أحبابهم عن الأزمة العالمية ليبقى دوما نفس الأشخاص يتعاملون بمنطق نحن لا ننتج الثروة بل هي مكتسبة لدينا.
ومع ذلك, في هذه اللحظة, فإن التفكير الوحيد والحقيقي الضروري لتفادي الأزمة المقبلة هو البحث عن بنك عالمي مهم على مستوى النظام (G-SIB) خارج نطاق الاختصاص الأمريكي أو الأوروبي, مثل كريدي سويس حيث يعتبر هذا النوع من البنوك ممن لا يمكن إعادة رسملته و سيلعب مستقبلا دور الدومينو الأول.
في مثال بنك السيليكون فالي. الشيء المهم هو عدم احتساب “المودعين الأمريكيين المتوفين” ولكن إذا حدث هذا بالفعل فمن الممكن أن يؤدي ذلك بشكل افتراضي إلى الخروج عن السيطرة يعني, إذا حدث هذا نظريًا, فإن انهيار النظام المصرفي الغربي سينتشر بسرعة الضوء, وبمجرد انحسار محيط الدولارات وبحر اليورو يصبح مثل البحر الميت عندها سنرى من سيكون عارياً ممن يرتدي لباسه!.

و ما يجري اليوم جراء الصراعات المصرفية يؤدي بتعرق عمال المصارف الذين يرون في الحرب أنها الخيار الأخير, وسنتناول موضوع الديون والحرب في المقال القادم الذي سنناقش فيه الصراع بين روسيا والناتو والصين والولايات المتحدة.
و في غضون ذلك ، تكمن مشكلة الغربيين في أن إرادتهم في الترويج للحرب ليست واقعية فيما يتعلق بسكانهم من “أبناء جيل الطفرة المسجونين في عالم آخر” والذين لن يذهبوا بالتالي إلى ساحة المعركة وكذلك بالنسبة لـ “الديموقراطيين الشباب مواطني العالم”. ، فهم مهتمون فقط بحركة “الووكيزم” المدمرة لتاريخهم و حركة قوس قزح التي تفكك شخصيتهم الجسدية وروحهم المكتئبة!.

و في النهاية نلحظ أن الغرب ليس بحاجة حاليا لمساعدة روسيا و الصين من أجل إفنائه مثلما هو الشأن لفرنسا فهي الأخرى ليست بحاجة للجزائر كي تقدم على الانتحار و الاختفاء عن الساحة فمثلما يقول المثل الروماني القديم الذي نستحضره في خاتمة هذا المقال ” عندما يريد الإله إفناء الأمم يجعلها أمم مجنونة”

ترجمة: الأستاذ لكحل .محمد

يتبع…

 

Exit mobile version