على مر السنين كان للاعلام دور هادف وبناء في عملية التوعية والتحسيس وكذلك مرافقة نشاطات الحكومات والهيئات بما يخدم المصلحة العامة للشعوب خاصة في تكريس مبدأ السلم والامن الدوليين من جهة واضفاء نوع من الشفافية في السياسات العامة للدول.
لكن ومع تطور الأحداث والتغيير الذي طرأ على بيئة الإعلام خاصة مع ظهور تكنولوجيات الإعلام والاتصال
والسرعة والكم الهائل من المعلومات التي اصبحت متداولة على المنصات ومحركات البحث
أصبحت التحديات في مجال الإعلام تأخذ أشكال متنوعة ولعل أبرزها هو كيفية مراقبة والتحكم والتحقيق من مصداقية هذه المعلومات والبيانات والتي أصبحت مثل السوق.
فالمعلومات اليوم أصبحت مثل السلع و اللوبيات السياسية هي البائع الذي يحاول دائما اضفاء ميزة لسلعه اما المشتري فهو الرأي العام العالمي الذي يعتبر الحلقة الأضعف لجهله بما يدور في فلك دورة الحياة الإعلامية التي افرغت من كل النظم والقوانين المنظمة لهذا المجال.
ان الامن المعلوماتي للأفراد والمجتمعات أضحى في خطر نتيجة لهذه التغيرات والتحولات المستمرة التي يشهدها مجال الإعلام و الذي يعتبر الآن من أكثر المجالات الحيوية والحساسة التي تريد القوى و اللوبيات الاقتصادية، السياسية وحتى العسكرية التحكم فيها وجعلها أداة من أجل غسيل الدماغ والتأثير بما يخدم المصالح الضيقة والخبيثة لهذه الكيانات وعليه صدق من قال أن الغاية تبرر الوسيلة، لأن غايات وأهداف هذه الكيانات تحدد طبيعة الوسائل المستخدمة لتحقيقها.
ومنه يمكن القول ان مايحدث الان من تغييرات جذرية في العديد من المستويات وخاصة في السياسة الدولية كانت نتيجة حتمية للتحول الذي عرفته وسائل الإعلام الجماهيري وحتى الإعلام البديل
الثورات الهجينة الغير معلومة المصدر
من ناحية الأهداف فالاعلام اليوم أصبح مرادف للبروباغندا الصماء الموجهة الرامية الى التخريب وعزل الشعوب عن معرفة مايدور على أرض الواقع
فالمنطق السلبي الذي أصبح تديره وسائل الإعلام يعتبر من أهم التحديات التي تواجه الدول الوطنية التي تسعى جاهدة من أجل تحصين نفسها من هذا المد المعلوماتي الخطير والغير آمن واصبح الذي يستهدف بالدرجة الأولى الطبقات الهشة من المجتمعات من أجل احداث الفوضى الخلاقة أو كما يعرف اليوم بالثورات الهجينة الغير معلومة المصدر.
فالتطور الذي استحدث في مجال تكنولوجيات الإعلام والاتصال ليس بريء كما يظنه البعض لأن هوس القوى الغربية هو فرض المزيد من السيطرة لا غير.
فالميزات الكثيرة التي اضفتها التكنولوجيات الجديدة في مجال الإعلام منحت للدول الغربية هامش كبير من المناورة من أجل تعزيز هيمنتها وإدارة حروب من نوع آخر دون إثارة ذلك اللغط الذي كان في الزمن الماضي.
فحرب المعلومات أبشع واقذر بكثير من الحرب التقليدية.
فاليوم يمكن لأي قوة عالمية أحداث التغيير في أي منطقة في العالم والشرط الوحيد هو كيفية إدارة هذا السلاح الاعلامي المعلوماتي.
فمواقع التواصل الاجتماعي من فايسبوك، توتير، يوتيوب وغيرهم من المواقع قادرين على أحداث التغيير وتحقيق نتائج مبهرة سواء جيوسياسية أو غيرها.
واصبح العنصر الفارق في كل هذا هو كسب عامل الوقت والجهد.
وعليه فإن تبني استراتيجية إعلامية متينة، فعالة ومتماسكة تعد اولوية الأولويات من أجل دحض المؤثرات الخارجية.
فمنطق السوق أصبح اليوم يتحكم في الاعلام وعليه من الضروري وضع قوانين وأطر تنظم هذا اديولوجيات هذا النشاط.