في ظل تصاعد التوترات الدبلوماسية بين الجزائر وفرنسا، يرى كاتب المقال أن العديد من منظمات المجتمع المدني الجزائري أبدت استياءها من السياسات التي تتبناها بعض الأوساط السياسية الفرنسية، والتي اعتبرتها استفزازية وتمس بسيادة الجزائر. هذه التوترات تأتي في سياق أوسع يشمل علاقات تاريخية معقدة بين البلدين، فضلًا عن تباينات في المواقف السياسية تجاه قضايا إقليمية ودولية.
وفقًا لما نشرته “الإذاعة الجزائرية”، فإن عدة جمعيات وطنية، مثل المنظمة الجزائرية للبيئة والمواطنة، ومؤسسة شباب الجزائر، وأكاديمية الشباب الجزائري، قد أصدرت بيانات تندد بما وصفته بـ”الممارسات العنصرية” التي تستهدف الجزائر ومواطنيها في فرنسا. ويرى كاتب المقال أن هذه المنظمات أكدت أن هناك محاولات متكررة من قبل أطراف يمينية متطرفة داخل الساحة السياسية الفرنسية لاستغلال ملف العلاقات الجزائرية-الفرنسية في إطار أجندات انتخابية ضيقة.
ويشدد كاتب المقال على أن هذه المنظمات دعت إلى ضرورة التلاحم الوطني والاصطفاف في موقف موحد للدفاع عن المصالح العليا للبلاد، مشيرة إلى أن أي تدخل خارجي في الشؤون الجزائرية مرفوض جملة وتفصيلًا. كما حذرت من أن استمرار هذه السياسات العدائية قد يؤدي إلى تعقيد العلاقات بين البلدين أكثر فأكثر.
يرى كاتب المقال أن التوتر الأخير بين الجزائر وفرنسا ليس حالة استثنائية، بل يأتي في إطار سلسلة من الأزمات التي اندلعت في السنوات الأخيرة، خصوصًا فيما يتعلق بملف التأشيرات والهجرة، فضلًا عن الجدل المتكرر حول الذاكرة التاريخية والاستعمار الفرنسي للجزائر. الجزائر تسعى إلى بناء علاقات قائمة على الاحترام المتبادل، بعيدًا عن منطق الوصاية الذي تسعى بعض الجهات الفرنسية إلى فرضه.
على الجانب الفرنسي، يشهد المشهد السياسي الداخلي صعودًا لليمين المتطرف، والذي غالبًا ما يستخدم ملفات مثل الهجرة والعلاقات مع الجزائر لكسب تأييد الناخبين. ويرى كاتب المقال أن جزءًا من هذه التصريحات العدائية تجاه الجزائر يندرج في إطار الدعاية الانتخابية، لا سيما مع اقتراب الاستحقاقات الرئاسية في فرنسا.
وبالرغم من التوترات السياسية، يرى كاتب المقال أن المصالح الاقتصادية بين البلدين لا تزال تشكل عنصرًا أساسيًا في العلاقة الثنائية. ففرنسا تعد واحدة من أهم الشركاء التجاريين للجزائر، حيث تستثمر العديد من الشركات الفرنسية في قطاعات مختلفة، من بينها الطاقة والصناعات التحويلية. كما أن الجالية الجزائرية في فرنسا تلعب دورًا محوريًا في الربط بين البلدين، ما يجعل من الصعب فصل البعد السياسي عن المصالح الاقتصادية والاجتماعية المشتركة.
في هذا السياق، يرى كاتب المقال أن مستقبل العلاقات الجزائرية-الفرنسية سيعتمد على مدى قدرة الطرفين على تجاوز الخلافات السياسية وإيجاد أرضية مشتركة للتعاون. وبالرغم من التوترات الراهنة، فإن الدبلوماسية الجزائرية تميل إلى الحفاظ على قنوات الحوار مفتوحة مع باريس، مع التأكيد المستمر على مبدأ المعاملة بالمثل والاحترام المتبادل.
ختامًا، يرى كاتب المقال أن العلاقات الجزائرية-الفرنسية تبقى رهينة تفاعلات متعددة المستويات، تتداخل فيها الأبعاد التاريخية والسياسية والاقتصادية. وبينما تستمر بعض الأوساط في تأجيج الخلافات، تظل هناك إمكانية لبناء شراكة متوازنة تعود بالنفع على الجانبين، شرط أن يكون الحوار مبنيًا على أسس واضحة بعيدًا عن محاولات الاستفزاز أو الاستغلال السياسي.