يتناول تقرير، منشور في الموقع الاسباني Publico.es، استئناف العلاقات بين الجزائر وإسبانيا بعد أكثر من عامين من التوتر الدبلوماسي الذي اندلع بسبب دعم مدريد لخطة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء الغربية. يشير التقرير إلى أن الجزائر أعادت سفيرها إلى إسبانيا، وبدأت العلاقات الاقتصادية بين البلدين في التحسن، حيث ارتفعت الصادرات الإسبانية إلى الجزائر تدريجيًا.
التقرير اشار ان ملامح التقارب بدأت تعود بين البلدين، بعد أكثر من عامين من التوتر بين الجزائر وإسبانيا، حيث و في خطوة تعكس تحولات في التوازنات الجيوسياسية بالمنطقة.
و كانت الأزمة قد اندلعت في مارس 2022 عندما أعلنت مدريد دعمها لخطة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء الغربية، وهو موقف أثار غضب الجزائر التي استدعت سفيرها وعلّقت معاهدة الصداقة والتعاون مع إسبانيا. تبع ذلك شلل شبه كامل في العلاقات التجارية، حيث شهدت الصادرات الإسبانية إلى الجزائر تراجعًا كبيرًا.
و اشار كاتب المقال انه مع نهاية عام 2023، ظهرت إشارات على رغبة الطرفين في تجاوز الأزمة. أرسلت الجزائر سفيرها من جديد إلى مدريد، وبدأت العلاقات الاقتصادية في التحسن التدريجي. وبحلول يناير 2025، بلغت الصادرات الإسبانية إلى الجزائر 133.5 مليون يورو، بعد أن كانت في أدنى مستوياتها عند 26.5 مليون يورو في أغسطس 2022. هذه الأرقام تعكس رغبة في إعادة بناء الجسور بين البلدين، ولو بحذر.
التقارب لم يكن وليد المصادفة، حسب التقرير الاسباني بل جاء نتيجة اعتبارات عدة. فمن ناحية، شهدت العلاقات بين الجزائر وفرنسا توترًا ملحوظًا، مما دفع الجزائر إلى البحث عن شركاء أوروبيين آخرين لضمان توازن استراتيجي. ومن ناحية أخرى، فإن إسبانيا، التي تعتمد على الجزائر كمصدر رئيسي للغاز، سعت إلى تهدئة الأوضاع بعد أن تضررت بعض مصالحها الاقتصادية بسبب التوترات السابقة.
إلى جانب المصالح الاقتصادية، لعبت الملفات الأمنية والهجرة غير النظامية دورًا مهمًا في تقريب وجهات النظر بين البلدين. في فبراير 2025، التقى وزيرا خارجية البلدين خلال قمة مجموعة العشرين في جوهانسبرغ، حيث تم التأكيد على أهمية التعاون في هذه القضايا. كما التقى وزير الداخلية الإسباني بنظيره الجزائري في مدريد لمناقشة ملفات أمنية تتعلق بالهجرة والجريمة المنظمة.
واعتبر كاتب المقال انه رغم هذه الخطوات الإيجابية، لا تزال العلاقة بين البلدين هشة، إذ لم تُسجَّل حتى الآن أي مؤشرات على تغيير في موقف مدريد بشأن الصحراء الغربية، وهو الملف الذي كان في قلب الأزمة. فبالنسبة للجزائر، يبقى دعم تقرير المصير للصحراويين مسألة مبدئية لا تخضع للمساومات، بينما تواصل إسبانيا التمسك بموقفها الداعم لخطة الحكم الذاتي المغربية، مما يجعل أي تقارب كامل بين البلدين مرهونًا بإيجاد صيغة وسطى لهذا الخلاف.
يبقى السؤال مطروحًا: هل تستطيع الجزائر وإسبانيا إعادة بناء علاقات متوازنة تقوم على المصالح المشتركة، أم أن هذه الانفراجة تبقى مجرد هدنة تكتيكية فرضتها الظروف؟ في ظل المشهد الإقليمي المتغير، حيث تتداخل المصالح الأوروبية والمغاربية في قضايا الطاقة والأمن والهجرة، يبدو أن كلا البلدين يفضلان إبقاء قنوات الحوار مفتوحة، ولو أن الحسابات السياسية قد تعيد خلط الأوراق في أي لحظة.
في النهاية، يبقى تطور العلاقات بين الجزائر وإسبانيا مؤشرًا على تحولات أوسع في السياسة الخارجية للبلدين، حيث تسعى كل منهما إلى تأمين مصالحها في منطقة يزداد فيها التنافس والتعقيد. يبقى المستقبل مفتوحًا على احتمالات متعددة، لكن المؤكد أن أي استقرار في هذه العلاقة سيعتمد على مدى قدرة الطرفين على تجاوز العقبات الكبرى التي لا تزال تفصل بينهما.