أعلنت “وزارة الداخلية الإسرائيلية” عن إلغاء تأشيرات 27 سياسيًا ونائبًا فرنسيًا ينتمون لأحزاب اليسار، كان من المقرر أن يزوروا الكيان العبري في وفد يمتد على مدار خمسة أيام. القرار استند إلى قانون يسمح بمنع دخول أشخاص تعتبرهم السلطات مهددين لمصالح الدولة. الزيارة كانت تشمل لقاءات مع مسؤولين “إسرائيليين” وفلسطينيين، وكان من بين المشاركين أعضاء من الحزب البيئي والحزب الشيوعي الفرنسي.
الخطوة جاءت عقب تصريحات للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أشار فيها إلى احتمال اعتراف بلاده بدولة فلسطينية، ودعا خلالها رئيس الحكومة العبرية بنيامين نتنياهو إلى تسهيل إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. هذه التصريحات أثارت ردود فعل غاضبة داخل “إسرائيل”، واعتُبرت تصعيدًا غير مسبوق من باريس تجاه تل أبيب.
و جاء الرد الفرنسي ، عندما أعرب أعضاء الوفد الملغاة تأشيراتهم عن استيائهم من القرار الإسرائيلي، ووصفوه بـ”العقاب الجماعي”، مطالبين الرئيس ماكرون بالتدخل. لكن الرد الرسمي الفرنسي ظل محدودًا، مقارنة بالمواقف الأكثر تشددًا التي اتخذتها باريس مؤخرًا تجاه دول أخرى.
ويأتي هذا التصعيد الإسرائيلي تزامنًا مع أزمة دبلوماسية متصاعدة بين فرنسا والجزائر، حيث أعلنت الجزائر في 14 أبريل 2025 عن طرد 12 موظفًا من السفارة الفرنسية في الجزائر، ومنحتهم مهلة 48 ساعة للمغادرة، احتجاجًا على توقيف ثلاثة جزائريين – بينهم موظف دبلوماسي – على الأراضي الفرنسية في ظروف وصفتها الجزائر بـ”المهينة”.
بين الموقفين، تبدو الفروقات في تعاطي باريس مع الأزمتين لافتة. ففي حين اتسم ردها حتى الآن على التصرف الإسرائيلي بالهدوء، جاء موقفها من الجزائر أكثر حدة، شمل تصريحات هجومية من قبل وزير الداخلية الفرنسي وعدد من النواب، فضلًا عن اعتقالات طالت مؤثرين جزائريين مقيمين بفرنسا. هذا التباين يطرح تساؤلات حول المعايير التي تعتمدها فرنسا في إدارة سياستها الخارجية، ومدى انسجام خطابها الحقوقي مع ممارساتها العملية.
وتطرح هذه التطورات سؤالًا حاسمًا حول كيفية رد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على الخطوة الإسرائيلية بإلغاء تأشيرات الوفد الفرنسي. هل سيرد الرئيس الفرنسي على هذه الخطوة بالمثل كما فعل مع الجزائر، أم أن هذا الامتحان سيكشف عجز باريس في مواجهة ضغوط حليفها الاستراتيجي في المنطقة؟