قال تقرير لموقع “Grain Central” أنه في سياق ديناميكية متقلبة بين مقتضيات الأمن الغذائي وتبدلات العلاقات التجارية، تواصل الجزائر إعادة رسم خارطة وارداتها من القمح، مستبعدةً مجددًا القمح الفرنسي من إحدى أهم صفقاتها الأخيرة. هذا التقرير يرصد أبعاد هذه الخطوة، ويحلل خلفياتها السياسية والاقتصادية، وسط مساعٍ حكومية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح الصلب في أفق 2025.
تقرير المنصة الإخبارية الأسترالية المتخصصة في تغطية أخبار وأسواق الحبوب،افادت أن الديوان الجزائري المهني المشترك للحبوب أعلن عن صفقة جديدة لشراء القمح اللين، بحجم يتراوح بين 570,000 و600,000 طن متري، وبسعر يقارب 267.50 دولارًا أمريكيًا للطن، شاملة تكاليف الشحن (C&F). وتُشحن الكميات على دفعتين خلال شهر يونيو المقبل.
وقالت المنصة انه ورغم توقعات بعودة القمح الفرنسي إلى الواجهة، جاء غيابه عن القائمة غير الرسمية للموردين مفاجئًا. ويُرجّح أن تؤول الحصة الكبرى إلى منطقة البحر الأسود، خاصة أوكرانيا وموانئ في رومانيا وبلغاريا. ويُشير تجار إلى استمرار استبعاد فرنسا من المناقصات منذ أكتوبر، رغم إعلان الجزائر التزامها بإنصاف الجميع.
وفي نفس السيقا اشارت “Grain Central” أن الجزائر، التي كانت تاريخيًا السوق الأولى للقمح الفرنسي، تشهد توترًا مستمرًا في علاقاتها مع باريس، زاد منذ إعلان الرئيس الفرنسي دعمه لخطة مغربية للحكم الذاتي في الصحراء الغربية. تصريحات سابقة لوزير الخارجية الفرنسي حول “عودة الأمور إلى طبيعتها” لم تُترجم إلى تغير فعلي في التعاملات التجارية.
من جهة أخرى، تواصل الجزائر تنفيذ سياسة طموحة لرفع إنتاج القمح الصلب، على أمل بلوغ الاكتفاء الذاتي بحلول نهاية 2025. وتُظهر بيانات حديثة أن المساحات المزروعة بالقمح الصلب تُشكّل حوالي 45% من إجمالي المساحات المزروعة، في حين لا يتجاوز نصيب القمح اللين 15% بسبب حساسيته للمناخ الجاف.
ويُتوقع أن يبلغ إنتاج القمح هذا الموسم 3 ملايين طن متري، وهي نفس الكمية المسجلة في الموسم السابق، بحسب توقعات خدمة الزراعة الخارجية الأمريكية. ورغم هذه الجهود، لا تزال الجزائر رابع أكبر مستورد عالمي للقمح، مع توقعات ببلوغ وارداتها نحو 9.4 ملايين طن في موسم 2025-2026.
في المقابل، يُعد الشعير محصولًا مهمًا للاستهلاك الحيواني، وتُشير التوقعات إلى استقرار وارداته عند (700,000 طن متري)، مع احتمال زيادتها في حال توسع الجفاف خلال الصيف.
وحسب الموقع الاسترالي تظل الجزائر من أكبر مستهلكي الحبوب في العالم، حيث يُعتبر القمح المادة الغذائية الأساسية. وفقًا لتوقعات خدمة الزراعة الخارجية الأمريكية (FAS)، يُتوقع أن يرتفع الطلب على القمح في الجزائر من 11.8 إلى 12 مليون طن في موسم 2025-2026. حاليًا، تحتل الجزائر المركز الرابع في قائمة أكبر مستوردي القمح، حيث تستورد 9.4 مليون طن، وتستمر في هذا الموقع بناءً على احتياجات الإنتاج والاستهلاك الحالية. في النصف الأول من الموسم، كانت واردات الجزائر من القمح أعلى من الموسم الماضي، لكن تراجع الصادرات الروسية بسبب التوترات مع فرنسا قد أثر على ذلك.
الجزائر تستهلك كميات ضخمة من الخبز، حيث يُقدر استهلاك الفرد بحوالي 110 كيلوغرامات سنويًا، ما يجعل القمح الصلب أساسيًا في صناعة المعكرونة والكسكس. كما تعد أستراليا مصدرًا ثانويًا للقمح الصلب إلى الجزائر، مع مبيعات وصلت إلى 301,000 طن منذ 2020.
أما الشعير، فيُستخدم بشكل رئيسي كعلف للمواشي، خاصة الأغنام والأبقار، وزاد استهلاكه مع زيادة أعداد المواشي. وتتوقع FAS أن تبقى واردات الشعير عند 700,000 طن في موسم 2025-2026، وقد ترتفع في حال اتساع مساحات الجفاف.