افتُتح الخميس 24 افريل ، بمقر المجلس الشعبي الوطني بالجزائر العاصمة، معرضٌ للصور والمخطوطات والآثار الشخصية، يُضيء سيرة الصحفي-المصور والمؤرخ والدبلوماسي اليوغسلافي زدرافكو بيكار، أول صوت صحفي من بلاده وقف، بكل شجاعة، إلى جانب الجزائر في حربها التحريرية، تحت شعارٍ يحمل عبق الوفاء: “عندما توثق الثورة الجزائرية بأنامل يوغسلافية”.
وقد أُشرف على افتتاح المعرض، الممتدّ إلى غاية 30 أبريل، كلّ من رئيس المجلس الشعبي الوطني السيد إبراهيم بوغالي وسفيرة جمهورية صربيا، السيدة آنا بريتروفيتش، بحضور مديرة متحف الفن الأفريقي في بلغراد، ماريا أليكسيتش، والأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين، حمزة العوفي، والأمين العام للجمعية الوطنية لكبار معطوبي حرب التحرير الوطني، العربي بن صفية، إلى جانب وجوه برلمانية ودبلوماسية حضرت لتستحضر سيرة رجلٍ أبى أن يكون شاهدًا صامتًا على عصره.
في كلمةٍ امتزجت فيها مشاعر الاعتزاز بندى الذكرى، أكد رئيس المجلس الشعبي الوطني، إبراهيم بوغالي، أن هذا المعرض يفتح أبواب الذاكرة على مصراعيها، ويُعيدنا إلى المسار الفريد لزدرافكو بيكار (1922-1994)، الذي وقف بشجاعة ضد الاستعمار، وكان صديقًا وفيًا للرئيس اليوغسلافي السابق جوزيف بروز تيتو. بيكار، كما وصفه بوغالي، لم يكن مجرد صحفي، بل كان حامل أمانة، ومؤرخًا للعدالة، وفنانًا التقط بعدسته أنفاس التاريخ وهو يتشكل من دماء وأحلام شعبٍ أراد الحياة.
وأضاف السيد بوغالي أن بيكار كان أول مراسل يوغسلافي يلتحم بالثورة الجزائرية من قلب الأحداث منذ عام 1958، وأنه أسس مع زوجته، بعين ثاقبة ورؤية متبصرة، متحف الفن الأفريقي في بلغراد، ليُحافظ على نبض قارة ظلت لعقود تئن تحت وطأة الاستعمار.
من جهتها، أضاءت سفيرة صربيا جانبًا آخر من سيرة بيكار، مؤكدةً أن تقاريره كانت بمثابة فضح للادعاءات الكاذبة التي كانت تسوّقها فرنسا الاستعمارية، وأن عمله الإعلامي ساهم في رسم ملامح صداقة راسخة بين الجزائر وصربيا.
في وثيقة تقديم المعرض، سُردت حياة زدرافكو بيكار كأنها قصيدةٌ تنبض بالثورة والإنسانية؛ إذ ترك إرثًا ضخمًا متجذرًا في مناهضة الاستعمار، امتزج بحس إنساني نادر وولع خاص بإفريقيا، ما زالت أصداؤه تتردد في كتبه ومقالاته وصوره المحفوظة بعناية.
يضم المعرض لوحات مطبوعة بحجم الملصقات، تلتقط لحظات فارقة من حياة بيكار، وطوابع بريدية تخلد صورته، وكتبًا تحفظ ذكرياته وأبحاثه، إلى جانب وثائق نادرة وقرص فينيل قديم، يدور على إيقاع 45 دورة في الدقيقة، يُحتفظ فيه بالنشيد الوطني الجزائري الذي أصدرته زوجته في يوغوسلافيا سنة 1961، تخليدًا لصوت ثورةٍ لم تخبُ جذوتها.
هذا المعرض، بما يحمله من مشاهد وذكريات، لا يكتفي بإحياء إرث بيكار كمراسلٍ شجاع، بل ينصبه شاهدًا على عصرٍ غيّر وجه التاريخ، مُسلّطًا الضوء على أدواره كثوري وسفير غير رسمي ومؤرخٍ حفظ بنبض قلمه ملاحم قارةٍ كانت تحلم بالحرية.