في الشهر الماضي، عندما اجتمع قادة بعض أكبر الشركات في العالم في بكين، كان الهدف الرئيسي لهم هو لقاء مع الزعيم الصيني شي جين بينغ. لكن، لم يكن اللقاء مع شي هو الوحيد الذي ترك انطباعًا قويًا لدى العديد من رجال الأعمال، بل كان نائب رئيس الوزراء هه ليفينغ أيضًا محط إعجابهم. هذا الأخير، الذي يُعد من المقربين للزعيم الصيني، هو الآن العقل المدبر الذي يشرف على ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
تُظهر اللقاءات التي جرت مع هه ليفينغ خلال العام الماضي، بحسب مقابلات مع 13 من المستثمرين والدبلوماسيين الأجانب، تطورًا لافتًا في شخصية هذا المسؤول البالغ من العمر 70 عامًا. فقد بدأ مشواره كأحد رجال الحزب الشيوعي الذين يفتقرون للغة الإنجليزية ويظهرون تحفظًا في خطاباتهم، لينتقل اليوم إلى شخصية أكثر ثقة وقوة في اتخاذ القرارات.
وهذا التحول يعكس نجاحه في إدارة ملفات اقتصادية شائكة مثل الحرب التجارية مع الولايات المتحدة. ففي ظل التوترات الاقتصادية بين واشنطن وبكين، يبدو أن أي محاولات لتهدئة الوضع ستتم عبر هه، الذي يعتبر بمثابة المفاوض الرئيس للصين في قضايا التجارة مع أمريكا.
توقعات المستقبل: من المنتظر أن يلعب هه دورًا رئيسيًا في المفاوضات التجارية مع واشنطن، والتي تهدف إلى تقليص العجز التجاري الأمريكي مع الصين، والذي يقدر بحوالي 300 مليار دولار. وبرغم أن العديد من رجال الأعمال الأمريكيين لا يعتقدون أن هه هو مبتكر سياسات جديدة، فإنهم يثقون في قدرته على إنجاز الأمور، خصوصًا مع السياق الاقتصادي الذي تمر به الصين حاليًا.
دور هه في السياسة الصينية: لا شك أن هه ليفينغ يتمتع بتأثير كبير في السياسة الاقتصادية للصين، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي. فقد شغل مناصب مهمة في الحكومة الصينية، وكان له دور بارز في صياغة السياسات الصناعية للبلاد، ودائمًا ما يدافع عن استراتيجية النمو المدفوعة بالتصدير.
كما يتمتع هه بقدرة كبيرة على التعامل مع القضايا الاقتصادية الشائكة، فقد أظهر اهتمامًا واضحًا بالمعضلات الاقتصادية التي تواجهها الصين، مثل الضغوط التضخمية، والشيخوخة السكانية، والأزمة العقارية، فضلًا عن حرب الرسوم الجمركية مع الولايات المتحدة. من الواضح أن دوره في السياسة الصينية سيظل محوريًا في السنوات المقبلة، وخاصة في العلاقات مع الغرب.
وفي الختام، يمكن القول إن هه ليفينغ يمثل صورة من صور البيروقراطي التقليدي الذي استطاع أن يطور نفسه ليصبح أحد اللاعبين الرئيسيين في السياسة الصينية، مما يضعه في موقع التأثير المباشر على مستقبل الاقتصاد الصيني والعلاقات الدولية للبلاد.
المصدر: رويترز