القمح في مصر والجزائر: استهلاك ضخم وسوقٌ متحوّل

في تقرير تحليلي نشره الخبيير الزراعي دوكّيو كاتشوني على موقع Agronotizie الإيطالي ، طُرحت تساؤلات عميقة حول التغيرات التي تشهدها خريطة النفوذ الزراعي في منطقة البحر الأبيض المتوسط. من خلال متابعة دقيقة لمؤشرات صادرات الحبوب وتحولات السوق، يرصد التقرير صعود قوى جديدة، وتراجع مراكز تقليدية، في مشهد يعيد تشكيل التوازنات الاقتصادية والزراعية في محيط يعاني هشاشة غذائية متزايدة وضغوطًا سياسية متشابكة.

في مشهد يتغير بسرعة، انتزعت رومانيا صدارة صادرات القمح خارج الاتحاد الأوروبي، متجاوزة فرنسا التي لطالما احتكرت هذا الدور لعقود. يأتي ذلك في سياق عالمي تتبدل فيه توازنات سوق الحبوب بفعل العوامل الجيوسياسية والمناخية، ما يعكس تحولًا في موازين القوى، خاصة في منطقة البحر الأبيض المتوسط.

روسيا لا تزال في الصدارة عالميًا بفضل إنتاجها الضخم، تليها أوكرانيا رغم الظروف الحربـية التي أثرت على بنيتها التصديرية. الجديد هو الصعود اللافت لدولتيْ رومانيا وبلغاريا، وهما عضوان في الاتحاد الأوروبي، باتتا تلعبان دورًا استراتيجيًا متزايدًا كموردين للحبوب نحو أسواق الشرق الأوسط والمغرب العربي.

الجزائر ومصر تمثلان أبرز هذه الأسواق، نظرًا لحجمهما السكاني الكبير واعتمادهما المرتفع على استهلاك الخبز. ووفق بيانات وزارة الزراعة الأمريكية (USDA)، من المتوقع أن تستورد الجزائر نحو (9 ملايين طن) ومصر نحو (13 مليون طن) من القمح خلال الموسم الجاري.

هذا الاعتماد الكبير يجعل من ضمان الأمن الغذائي أولوية قصوى. تسعى مصر إلى تعزيز إنتاجها الزراعي منذ سنوات، بينما أطلقت الجزائر مشاريع طموحة في الجنوب الصحراوي لاستصلاح (مليون هكتار)، نصفها مخصص لزراعة القمح، في سياق مراجعة إستراتيجيتها الاستيرادية التي باتت تستثني فرنسا، على خلفية توترات دبلوماسية.

تحركات كهذه تعيد رسم خريطة النفوذ الزراعي في البحر الأبيض المتوسط، حيث لم تعد السيطرة حكراً على القوى التقليدية.

ليختتك كاتب المقال تقريره ب “إن رفرفة جناح فراشة في الصحراء قد تغيّر فكرتنا عن الدورة الزراعية المقبلة”.

المصدر: Agronotizie

Exit mobile version