أكد برلمانيون ومسؤولون جزائريون يوم أمس الثلاثاء في الجزائر العاصمة على ضرورة تسريع مسار مراجعة اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، مشيرين إلى أن “الاختلال” الذي شاب تطبيقه منذ دخوله حيز التنفيذ قبل 20 عامًا أدى إلى عدم استفادة الجزائر منه بالشكل المأمول.
وخلال يوم برلماني نظمته المجموعة البرلمانية لحزب جبهة التحرير الوطني بالمجلس الشعبي الوطني بعنوان “اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي: ضرورة التقييم وحتمية المراجعة”، تم التأكيد على أن الاتفاق يجب أن يقوم على “روح الشراكة العادلة والمتوازنة”، بينما أظهرت الأرقام أن الجزائر لم تستفد بشكل فعلي من هذا الاتفاق.
وأوضح ناصر بطيش، رئيس المجموعة البرلمانية لحزب جبهة التحرير الوطني، أن قرار الجزائر بمراجعة الاتفاق يعكس إرادة الطرف الجزائري في “تكريس شراكة اقتصادية منصفة” ليس فقط في المجال الاقتصادي ولكن أيضًا في مجالات نقل الخبرات والتكنولوجيا وتنقل الأشخاص. وأشار إلى أن 20 سنة من التطبيق تعتبر كافية لمراجعة الاتفاقية، خصوصًا في ظل التوجه نحو اقتصاد متنوع، مشددًا على أن الاتفاق لم يسهم في زيادة تدفق الاستثمارات الأوروبية “الفعلية والمنتجة” نحو الجزائر.
ودعا بطيش إلى ضرورة تشكيل “لجنة وطنية مختصة” تضم ممثلين عن مختلف القطاعات الوزارية المعنية وخبراء لتقييم الاتفاق بندًا بندًا، واقتراح بدائل عبر تعديل النصوص الحالية أو التفاوض على أسس جديدة لتحقيق توازن أكبر بين الطرفين.
من جانبه، استعرض مراد عمي، ممثل المديرية العامة للجمارك، أهم المراحل التي مر بها هذا الاتفاق، مؤكدًا أن واردات الجزائر من الاتحاد الأوروبي منذ 2005 حتى نهاية 2024 بلغت 391 مليار دولار، ما يعادل 46% من إجمالي واردات البلاد. ورغم وجود فائض تجاري لصالح الجزائر مع الاتحاد الأوروبي يقدر بـ 194 مليار دولار، أشار عمي إلى أن هذا الفائض ناتج بشكل رئيسي عن هيمنة المحروقات (95% من الصادرات الجزائرية)، وهي منتجات غير مشمولة بالاتفاق.
أما في قطاع الفلاحة، فقد أكد محمد تيفوري، مدير الرقمنة والاستشراف والإحصائيات بوزارة الفلاحة، أن الصادرات الفلاحية الجزائرية إلى دول الاتحاد الأوروبي شهدت تراجعًا رغم وجود خمسة بروتوكولات في الاتفاق تتعلق بالفلاحة والمنتجات الغذائية. وذكر أن الميزان التجاري يميل بشكل كبير لصالح الاتحاد الأوروبي، مشيرًا إلى “صعوبة ولوج المنتجات الفلاحية الجزائرية” إلى السوق الأوروبية بسبب القيود غير التعريفية مثل المعايير الصحية والتقنية، مما يؤثر على جودة المنتجات ورفع تكاليفها.
وفي هذا السياق، دعا تيفوري إلى تسهيل إجراءات الرقابة التقنية والصحية على المنتجات الفلاحية المصدرة للاتحاد الأوروبي وضمان تطبيقها بشفافية، مع التأكد من عدم استخدام هذه الإجراءات كحواجز غير مبررة على المنتجات الجزائرية مقارنة بالدول الأخرى.
المصدر: وكالة الأنباء الجزائرية