في خطوة دبلوماسية مفاجئة، وصل الرئيس السوري أحمد الشرع إلى باريس اليوم الأربعاء، في أول زيارة أوروبية له منذ توليه الرئاسة في ديسمبر 2024، بعد الإطاحة ببشار الأسد. الزيارة التي أثارت الكثير من التساؤلات تأتي في وقت حساس، حيث يسعى الشرع للحصول على دعم دولي لتعزيز الاستقرار في سوريا التي لا تزال تعاني من تداعيات الحرب.
من المتوقع أن يشهد اللقاء بين الرئيس السوري إيمانويل ماكرون والشرع مناقشات حول قضايا متعددة تشمل التعاون في مجالات الطاقة والطيران، بالإضافة إلى إعادة الإعمار والتحديات الأمنية في المنطقة، بما في ذلك الاعتداءات الإسرائيلية والأوضاع في لبنان.
تصريحات وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، كانت أيضًا مثيرة للجدل، حيث قال “إن عدم الانخراط في حوار مع السلطات السورية الانتقالية سيكون غير مسؤول تجاه الفرنسيين، وسيكون خصوصًا بمثابة فرش السجادة الحمراء لتنظيم الدولة الإسلامية”.
أحمد الشرع، الذي كان يُعرف سابقًا باسم “أبو محمد الجولاني”، هو زعيم هيئة تحرير الشام، التي تعتبر واحدة من أبرز الجماعات المسلحة في سوريا. بدأ الجولاني مسيرته كجزء من تنظيم القاعدة قبل أن ينفصل ويؤسس حركته الخاصة التي تميزت بمواقف أكثر مرونة عن الخطوط الأيديولوجية المتطرفة.
التحولات التي شهدتها شخصية الجولاني لم تكن مفاجئة للبعض، إذ حاول مرارًا تحسين صورته وتحقيق نوع من التقارب مع أطراف دولية، في خطوة تهدف إلى إعادة تأهيله سياسيًا. هذا التحول يتزامن مع مواقف بعض الدول، بما فيها فرنسا، التي تجد نفسها في موقف معقد بشأن سياساتها في المنطقة.
فرنسا، التي طالما قدمت نفسها كداعم رئيسي للجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، وخاصة في سياق حربها ضد تنظيم الدولة الإسلامية، تجد نفسها اليوم في وضع محير بعد استقبال أحد أبرز قادة المجموعات المسلحة في سوريا. فهل كان “المشكلة” الحقيقية في مواجهة الإرهاب أم أن هناك حسابات سياسية أخرى وراء هذه الخطوة؟
الحديث عن “تبييض ماضي الجولاني” في سياق علاقات فرنسا مع سوريا يعكس تعقيد السياسة الدولية والصراعات غير المعلنة بين القوى الكبرى. فكيف يمكن تفسير استقبال شخصية مثيرة للجدل كالجولاني، الذي كان في وقت ما جزءًا من مشهد الإرهاب العالمي، إذا كان الهدف هو محاربة الإرهاب حقًا؟