مصر تعتمد قانون تنظيم الفتوى الشرعية: التعديلات والمخاوف

في 11 ماي 2025، أقر مجلس النواب المصري بشكل نهائي مشروع قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية، الذي قدمته الحكومة بعد إجراء تعديلات استجابة لملاحظات الأزهر ووزارة الأوقاف.

وقد أثار القانون جدلًا واسعًا، حيث شهدت المناقشات خلافات بين الأزهر ووزارة الأوقاف حول اختصاصات الإفتاء. إذ اعترض الأزهر على منح لجنة تابعة لوزارة الأوقاف حق الإفتاء دون مشاركة ممثلين عن الأزهر، معتبرًا أن الإفتاء يجب أن يبقى من اختصاص مؤسسات دينية معترف بها مثل الأزهر ودار الإفتاء. في المقابل، أكدت وزارة الأوقاف على ضرورة تشريع ينظم الفتوى ويمنع الفتاوى الشاذة.

بعد التعديلات، تم الاتفاق على أن يتولى مجمع البحوث الإسلامية الإفتاء في المسائل العامة، بينما يقتصر دور دار الإفتاء المصرية على المسائل الخاصة. كما تم التأكيد على ضرورة أن يكون المفتي من أبناء الأزهر الشريف لضمان التزام الفتاوى بالمنهج الوسطي.

يهدف هذا القانون إلى تنظيم عملية الإفتاء في مصر وتحديد الجهات المختصة بها، مع وضع ضوابط تضمن عدم إصدار فتاوى تتعارض مع الثوابت الدينية. وقد لاقى القانون ترحيبًا من بعض الأوساط الدينية، بينما أثار مخاوف لدى البعض الآخر بشأن تأثيره على استقلالية المؤسسات الدينية.

وقد شهدت المناقشات القانونية جدلًا خاصًا حول دور وزارة الأوقاف، حيث تحفظ الأزهر في البداية على السماح لأئمة الأوقاف بإصدار الفتاوى، معتبرًا أن الفتوى يجب أن تكون مستقلة عن السلطات التنفيذية. ومع ذلك، تم التوصل إلى توافق بعد تعديل تعريف الفتوى الشرعية، حيث تم تحديد الفتوى على أنها “إبداء الحكم الشرعي في فتوى عامة أو خاصة”. كما تم إقرار إسناد صياغة اللائحة التنفيذية للقانون إلى لجنة تشكلها هيئة كبار العلماء، تضم وزير الأوقاف ومفتي الجمهورية.

وقد أشاد وكيل الأزهر، الدكتور محمد الضويني، بالقانون، واصفًا إياه بـ”الطفرة غير المسبوقة” في تنظيم الفتوى. كما أكد وزير الأوقاف أسامة الأزهري أن القانون يعكس وحدة المؤسسات الدينية خلف الأزهر الشريف.

من جانبه، أشاد رئيس مجلس النواب، حنفي جبالي، بالقانون واعتبره “فصلًا جديدًا في مسار الفتوى في مصر”، مشيرًا إلى أنه خطوة هامة لمواكبة التحديات الراهنة وتعزيز الخطاب الديني الوسطي. كما لاقى القانون دعمًا من الهيئات البرلمانية مثل حزب مستقبل وطن والشعب الجمهوري.

على الجانب الآخر، أبدت نقابة الصحفيين تحفظات على المادة الخاصة بحظر نشر الفتاوى من غير المختصين، معتبرة أن ذلك قد يتعارض مع حرية الصحافة، ودعت إلى إلغاء هذه المادة خوفًا من تأثيرها على البرامج الدينية.

وقد أثار القانون مخاوف من إمكانية تأثيره على حرية الإعلام، خاصة في ظل انتشار الفتاوى غير الرسمية عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، مما أدى إلى قلق بشأن دور الإعلام في تقديم الرأي العام بشكل متوازن. ومع إقرار القانون، يتطلع الجميع إلى اللائحة التنفيذية التي ستحدد تفاصيل تطبيقه، بما في ذلك كيفية ترخيص المفتين وآليات متابعة الالتزام بالضوابط القانونية.

يُذكر أن مشروع القانون يتماشى مع الجهود الحكومية لتجديد الخطاب الديني وتعزيز دور الأزهر ودار الإفتاء في مواجهة الأفكار المتطرفة، وهو يأتي في إطار دعم استقرار المجتمع المصري وحمايته من الفتاوى الشاذة.

Exit mobile version