شهد الاقتصاد التونسي بداية متفائلة لعام 2025، حيث أظهرت البيانات الرسمية الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء نموًا إيجابيًا بنسبة 1.6% في الناتج المحلي الإجمالي خلال الثلاثي الأول من العام، مقارنة بنسبة نمو متواضعة بلغت 0.2% في نفس الفترة من العام السابق. هذا النمو يشكل بارقة أمل في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي مرت بها البلاد في السنوات الأخيرة.
كما سجلت مؤشرات سوق العمل تحسناً ملموساً، إذ انخفضت نسبة البطالة إلى 15.7%، مقابل 16.2% في بداية 2024، مما يعكس تحسناً في فرص التشغيل، وإن كان المعدل لا يزال مرتفعًا مقارنة بالمستويات المرجوة. هذه المؤشرات تشير إلى قدرة الاقتصاد على امتصاص جزء من قوة العمل المتزايدة، رغم التحديات الهيكلية التي تواجهها تونس.
من ناحية التجارة الخارجية، بلغت قيمة المبادلات التجارية خلال الأشهر الأربعة الأولى من 2025 حوالي 20,725.2 مليون دينار في الصادرات و21,245.2 مليون دينار في الواردات. ولا تزال تونس تواجه تحديات في موازنة الحساب التجاري، مع اعتماد قوي على الواردات التي تؤثر على الاحتياطيات الأجنبية وضغط الميزان التجاري.
فيما يخص التضخم، سجلت نسبة التضخم عند الاستهلاك العائلي انخفاضاً طفيفاً إلى 5.6% في أفريل 2025 مقارنة بـ5.9% في مارس، ما يعكس استقراراً نسبياً في الأسعار، مع بقاء مخاطر التضخم متوقعة بسبب عوامل خارجية مثل أسعار الطاقة والمواد الأولية.
رغم هذه المؤشرات الإيجابية، يبقى التحدي الأكبر أمام تونس هو تعزيز مناخ الاستثمار وتحسين الإنتاجية، إلى جانب إصلاحات هيكلية تضمن نموًا مستدامًا وقادرًا على خلق فرص عمل أكبر وتحسين مستويات المعيشة. يحتاج الاقتصاد التونسي إلى دعم حكومي واستثمارات خارجية فعالة، إضافة إلى تعزيز القطاعات المنتجة وتطوير البنية التحتية.
ختاماً، تشير مؤشرات الثلاثي الأول من 2025 إلى بوادر تحسن، لكنها لا تلغي الحاجة إلى مواصلة الجهود الإصلاحية والسياسات الاقتصادية المرنة لمواجهة تحديات المنطقة والعالم. يبقى التفاؤل مشروطاً بإرادة وطنية قوية للتغيير والتطوير في ظل بيئة إقليمية ودولية معقدة.