في تغريدة له على منصة “إكس”، أكد المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، السفير توم باراك، أن اتفاق سايكس-بيكو الذي قسّم المنطقة العربية قبل قرن من الزمن كان خطأ تاريخياً كبيراً ولن يتم تكراره مرة أخرى.
وقال باراك في تغريدته: “قبل قرن من الزمن، فرض الغرب الخرائط، والانتدابات، والحدود المرسومة بالقلم، والحكم الأجنبي. اتفاق سايكس-بيكو قسّم سوريا والمنطقة الأوسع لتحقيق مكاسب إمبريالية، لا من أجل السلام. وقد كلّف ذلك الخطأ أجيالاً كثيرة، ولن نكرره مرة أخرى.”
وأشار المبعوث الأميركي إلى أن هذا الخطأ أدى إلى أزمات وصراعات متواصلة، مؤكداً أن الوقت قد حان لإنهاء حقبة التدخل الغربي المباشر في شؤون المنطقة. وأضاف: “لقد انتهى عصر التدخل الغربي. المستقبل يعود إلى الحلول الإقليمية، والشراكات، ودبلوماسية قائمة على الاحترام.” واستشهد في ذلك بخطاب الرئيس دونالد ترامب في 13 مايو بالرياض، الذي شدد فيه على “ولّت الأيام التي كان فيها المتدخلون الغربيون يحلّقون إلى الشرق الأوسط لإلقاء المحاضرات حول كيفية العيش، وكيفية إدارة شؤونكم الخاصة.”
كما ركّز باراك على أن مأساة سوريا التي عاشتها البلاد طيلة السنوات الماضية وُلدت من الانقسامات التي فرضتها تلك السياسات، مؤكداً أن النهوض السوري يجب أن ينبع من “الكرامة، والوحدة، والاستثمار في شعبها”، وأن ذلك يتطلب “الحقيقة، والمساءلة، والعمل مع المنطقة، لا الالتفاف حولها.”
وعلى صعيد العلاقات الإقليمية، شدد باراك على أن الولايات المتحدة لن تستخدم القوة أو الأساليب التقليدية للتأثير في المنطقة، قائلاً: “نحن نقف إلى جانب تركيا، ودول الخليج، وأوروبا لكن هذه المرة ليس بالقوات والمحاضرات أو الحدود الوهمية، بل جنبًا إلى جنب مع الشعب السوري نفسه.” وأكد أن سقوط نظام الأسد فتح الباب أمام السلام، وأن رفع العقوبات الأميركية عن سوريا سيمكّن الشعب السوري “أخيرًا من فتح هذا الباب واكتشاف طريق نحو الازدهار والأمن من جديد.”
من هو توم باراك
توم باراك (Thomas J. Barrack Jr.) هو رجل أعمال ومستثمر أمريكي بارز، وُلد في كاليفورنيا عام 1947، وينحدر من أصول لبنانية (مدينة زحلة). تلقى تعليمه في جامعة جنوب كاليفورنيا، وعمل لفترة في مجال المحاماة قبل أن يتحول إلى الاستثمار العقاري.
أسس باراك شركة Colony Capital التي أصبحت واحدة من أضخم شركات الاستثمار العقاري في الولايات المتحدة. وحقق من خلالها ثروات طائلة، وكانت له علاقات وثيقة بالدوائر السياسية والاقتصادية في الشرق الأوسط، خاصة الإمارات والسعودية.
في ماي 2025، عيّن ترامب باراك مبعوثًا خاصًا إلى سوريا، في وقت يشهد تغييرات جذرية بعد سقوط نظام الأسد أواخر 2024. يأتي هذا التعيين في إطار سياسة جديدة أعلن عنها ترامب، قوامها رفع العقوبات عن سوريا وتشجيع الحلول الإقليمية بدل التدخلات الغربية.
من خلال منصبه المزدوج كسفير للولايات المتحدة الأمريكية في أنقرة ومبعوث لسوريا، يلعب باراك دورًا محوريًا في التنسيق بين تركيا، والخليج، وأوروبا بشأن مستقبل سوريا. كما يُتوقع أن يكون له دور اقتصادي مهم في إعادة الإعمار، بالنظر إلى خلفيته الاستثمارية.
ورغم تأكيدات إدارة ترامب الجديدة على التزامها بالسلام والتنمية، يرى منتقدون أن خلفية باراك المالية، وصلاته السابقة بالإمارات، تثير تساؤلات حول حياديته في الملف السوري، خاصة فيما يتعلق بتقاسم النفوذ بين القوى الإقليمية.