أطلقت وزارة الثقافة والفنون “جائزة لخضر حمينة للإبداع”، تخليدًا لمسيرة المخرج الجزائري محمد لخضر حمينة (1934 – 2025)، بالتزامن مع الذكرى الخمسين لتتويج فيلمه “وقائع سنين الجمر” بالسعفة الذهبية في مهرجان “كان” عام 1975.
“جائزة لخضر حمينة للإبداع”، و التي ستُمنح سنويًا لأفضل الأعمال في أصناف الفيلم الروائي الطويل، القصير، الوثائقي، فضلًا عن جوائز الإخراج، التمثيل والسيناريو، ترمي إلى تحفيز الإبداع السينمائي المحلي، وتثبيت حضور الجزائر في المشهد السينمائي العالمي، ليس كمنتج للصورة فقط، بل كحامل لرسالة ثقافية وتاريخية.
و أحتضنت مساء أمس الخميس، أوبرا الجزائر “بوعلام بسايح” أمسية تأبينية فنية تحت إشراف وزير الثقافة زهير بلّلو، كرّمت فيها الجزائر ابنها السينمائي . في حضرة كبار المسؤولين وممثلين عن مؤسسات وطنية، عُرضت النسخة المرممة من “وقائع سنين الجمر” بتمويل من مؤسسة “لوكاس فاميلي”، ضمن مشروع “أفريكن فيلم هيريتيج”، لتعيد للأذهان عبقرية حمينة في توظيف الصورة كذاكرة بصرية حارقة، تُعيد تشكيل وجع الاستعمار بلغة سينمائية ملحمية.
الوزير بلّلو وصف الراحل بـ”الشخصية الاستثنائية التي آمنت بالجزائر”، مؤكدًا أن أعماله شكّلت مرآة لذاكرة وطنية حيّة. وذكّر بأن المعهد الوطني العالي للسينما بالقليعة يحمل اسمه تنفيذًا لتوجيه رئاسي، في دلالة على رمزية الرجل في تاريخ الفن الجزائري.
الفيلم الذي استغرق عرضه ثلاث ساعات، استحضر في مشاهده سياسة الأرض المحروقة والاستلاب الاستعماري، ولكنه في الوقت ذاته، شكّل ملحمة بصرية عن تشكل الوعي الوطني. تخلل الأمسية أيضًا عرض وثائقي من إنتاج عائلة الفقيد بعنوان “رجل استثنائي”، وقراءات شعرية بصوت الفنانين حسان كشاش ومحمد محبوب، استلهمت من أعمال حمينة وذاكرة السينما الجزائرية.
وفي تماهٍ قدري نادر، رحل محمد لخضر حمينة في التاريخ ذاته الذي توّج فيه بالسعفة الذهبية قبل خمسين عامًا بالتمام، يوم 23 ماي. كأنما السينما اختارت أن تغلق القوس في نفس اليوم الذي فُتح فيه على العالم، حين صعد حمينة إلى منصة “كان” سنة 1975 ليضع الجزائر في قلب الخريطة السينمائية الدولية. في 23 ماي 2025، لم يمت الرجل فقط، بل عادت صورته الأولى لتغدو جزءًا من ذاكرة لا تموت.