بريطانيا تستعد للحرب…ومادورو يصف ستارمر بـ”الجنون”

وصف الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو دعوة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر للاستعداد للحرب بـ”الجنون والتخلف”. مادورو، في تصريح تلفزيوني، حذر من تداعيات هذه التصريحات على السلم العالمي، داعيًا شعوب بريطانيا وخصوصًا مدن مثل لندن وليفربول إلى رفض هذه الدعوة التي يرى أنها تخدم مصالح “نخب منحطة” ومصنعي الأسلحة، بعيدًا عن تطلعات الشعوب الحقيقية.

ويرى مادورو أن الحديث عن “حرب كبيرة” بعد أكثر من ثمانية عقود من انتهاء الحرب العالمية الثانية يعكس انتكاسة تاريخية، موضحًا أن هذه التصريحات ليست سوى انعكاس لأجندات المجمعات العسكرية الصناعية التي تغذي التوترات بدلًا من السعي إلى السلام. وفي هذا السياق، دعا إلى تأسيس حركة شعبية أوروبية مناهضة للعسكرة والتصعيد، كوسيلة للوقوف في وجه ما وصفه بـ”الهوس العسكري” المتصاعد.

تأتي هذه التصريحات في ظل إعلان ستارمر عن استراتيجية دفاعية جديدة لبريطانيا، تتضمن زيادة كبيرة في ميزانية التسليح، مع رفع الإنفاق الدفاعي إلى 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2027، وهدف الوصول إلى 3% في السنوات اللاحقة. تشمل الخطة تحديث الأسلحة النووية ضمن مشروع “أستريا” وبناء غواصات هجومية نووية جديدة بالتعاون مع الولايات المتحدة وأستراليا في إطار اتفاقية AUKUS، بالإضافة إلى تعزيز القدرة الصناعية المحلية عبر إنشاء ستة مصانع جديدة لإنتاج الذخائر.

كما تركز السياسة على تطوير القدرات التقنية للجيش، مع اعتماد متزايد على الطائرات بدون طيار والأسلحة طويلة المدى لتحسين فاعلية الهجمات الدقيقة وتقليل الاعتماد على القوات التقليدية. وقد شهدت الخطة إنشاء قيادة جديدة للدفاع السيبراني والكهرومغناطيسي لحماية البنية التحتية الرقمية ومواجهة التهديدات الإلكترونية.

في نفس الوقت، تعيد الولايات المتحدة هيكلة قواتها المسلحة، مع تقليص التواجد العسكري في أفريقيا وتركيز الجهود على أوروبا ومنطقة المحيطين الأطلسي والهادئ، ما يعكس تحولات استراتيجية استجابةً للتحديات الجيوسياسية المتجددة، وخصوصًا التصاعد في التوتر مع روسيا والصين.

هذه التحولات تأتي وسط نقاشات داخلية أمريكية حول مستقبل دور واشنطن في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، حيث تظهر بعض الأصوات التي تطالب بإعادة تقييم أو حتى الانسحاب من الحلف، على الرغم من العقبات القانونية والسياسية الكبيرة التي تحول دون تحقيق ذلك في المدى القريب. من جهتها، تسعى الدول الأوروبية إلى تعزيز قدراتها الدفاعية في ظل عدم وضوح الالتزامات الأمنية الأمريكية ضمن إطار الناتو.

بعض المحللين يرون في السياسة الدفاعية البريطانية الجديدة محاولة لاستعادة دور مهيمن داخل حلف شمال الأطلسي، وربما حتى لتحل محل الولايات المتحدة في قيادة الحلف، في حال تراجع النفوذ الأمريكي المستقبلي. هذه الخطوة قد تعكس رغبة لندن في تعزيز مكانتها كقوة عسكرية لا غنى عنها في أوروبا والعالم، وسط تغييرات استراتيجية كبرى تشهدها الولايات المتحدة وتحولات في أولوياتها الدفاعية. إلا أن هذا الطموح يواجه تحديات عديدة، من ضمنها الحاجة إلى توازن دقيق بين التحالفات التقليدية والمتطلبات الوطنية، فضلاً عن التنافس مع قوى عالمية كبرى مثل روسيا والصين.

Exit mobile version