في كل عام، يعود عيد الأضحى ليحمل معه روح التضحية والتقرب، وليرسم مشاهد التضامن والفرح في البيوت والأسواق والشوارع. غير أن هذه الأجواء قد تتحول إلى كابوس حقيقي إذا ما غابت قواعد السلامة وتدبير المخاطر، خاصة في ظل تكرار الحوادث المنزلية والطرقية، والإصابات المرتبطة بذبح الأضاحي في ظروف غير آمنة.
تشير تقارير الحماية المدنية في الجزائر إلى ارتفاع ملحوظ في عدد الحوادث خلال أيام العيد، خاصة تلك الناتجة عن الجروح أثناء الذبح، أو حوادث السير بسبب التنقلات الكثيفة، أو حتى الحرائق المنزلية المرتبطة بالشواء وسوء استخدام معدات الطهي. وتبقى الفئة الأكثر عرضة للخطر هي الأطفال، الذين يجدون أنفسهم وسط أجواء مليئة بالأدوات الحادة والنار والازدحام، دون إشراف كافٍ.
في هذا السياق، توصي الجهات الصحية والأمنية بمجموعة من الإجراءات الوقائية، تبدأ من اختيار الأضحية السليمة عبر نقاط بيع مرخصة وتحت إشراف بيطري، إلى الاستعانة بجزار محترف يتقن الذبح دون تعريض محيطه للخطر. كما يُنصح بإبعاد الأطفال عن مسرح الذبح، وتجهيز المكان بطريقة آمنة تمنع الانزلاق أو التلوث. أما أدوات الذبح، فيجب أن تكون حادة، ونظيفة، ومستخدمة فقط من قبل البالغين.
من جانب آخر، يمثل الطهي الجماعي للأضاحي تحديًا في حد ذاته، خاصة عند استعمال الفحم أو الغاز في أماكن ضيقة أو مغلقة، مما يستدعي الحذر الشديد والانتباه لتفادي الاختناق أو الحروق. كما تبرز أهمية تخزين اللحوم بطريقة صحية، داخل ثلاجات نظيفة ومهيأة، للحفاظ على صلاحيتها وتجنب حالات التسمم الغذائي التي عادة ما تتزايد بعد العيد.
ولا تقل خطورة بعض الممارسات المرتبطة بالعيد في الفضاءات المفتوحة، مثل الشواء العشوائي داخل الغابات أو المحميات الطبيعية، عن باقي المخاطر. ففي ظل ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف، يشكّل إشعال النار في المناطق الغابية تهديدًا حقيقيًا قد يتحول في لحظات إلى كارثة بيئية. وقد شهدت الجزائر في السنوات الأخيرة حرائق مدمرة كانت بفعل التهاون أو الإهمال. لذلك، تحذر مصالح الحماية المدنية والمجتمع المدني من أي محاولة لإشعال النار في المناطق الخضراء، داعية المواطنين إلى تفادي الشواء في الغابات والاحتماء من الحرائق بالوعي الجماعي والمسؤولية.
ولا يمكن الحديث عن السلامة في العيد دون التطرق إلى الطرقات، حيث يزداد الضغط المروري بشكل لافت. وهنا، تتحمل الأسر مسؤولية مضاعفة في تجنب السرعة المفرطة، واحترام قوانين السير، وتوعية أبنائها بخطورة اللعب في الشوارع وسط حركة كثيفة.
يبقى عيد الأضحى مناسبة روحية واجتماعية بامتياز، لكن الحفاظ على أجوائه السليمة يتطلب وعيًا جماعيًا وممارسات مسؤولة. ففرحة العيد لا تكتمل إلا بسلامة الجميع، كبارًا وصغارًا.