الجزائر تدعو الشركات الأجنبية لتطوير احتياطيات الذهب

فتحت الجزائر رسميًا الباب أمام الشركات الأجنبية للمساهمة في تطوير احتياطياتها من الذهب، في خطوة جديدة تعكس توجه الدولة نحو تنويع مصادر الدخل وتقليص الاعتماد على قطاع المحروقات. وتندرج هذه المبادرة ضمن سياسة إصلاح قطاع المناجم التي باشرتها السلطات منذ سنوات، خاصة في ظل التذبذب المستمر في أسعار النفط والغاز.

بحسب ما أفادت به وكالة الأنباء الجزائرية، فإن وزارة الطاقة والمناجم منحت ما مجموعه 46 رخصة استكشاف منجمي جديدة حتى نهاية سنة 2024، تركز عدد كبير منها على مناطق الجنوب، خصوصًا ولايتي تمنراست وإليزي، المعروفتين بثرواتهما غير المستغلة. وتشمل الخطط إعادة تشغيل منجمي “أمسامسا” و”تيرك” الذَين كانا قد توقفا عن العمل منذ أكثر من عقد.

ووفقًا لما ذكره موقع Meed.com في تقرير نشر مؤخرًا، فإن الجزائر تراهن على شراكات دولية لتسريع وتيرة استغلال هذه الثروات، حيث أبدت شركات من الصين، ماليزيا، بلجيكا، وإندونيسيا اهتمامًا واضحًا بالحصول على امتيازات تنقيب وتطوير. ويأتي هذا الاهتمام الأجنبي في ظل التعديلات الأخيرة على قانون المناجم، التي وفرت بيئة أكثر جذبًا للمستثمرين، من خلال تسهيلات ضريبية وإجرائية.

من ناحية أخرى، كشفت أرقام رسمية نشرتها وزارة الطاقة والمناجم، أن الجزائر أنتجت أكثر من 351 كغ من الذهب بين عامي 2022 و2024، وهي كميات جاءت أساسًا من عمليات الاستكشاف الصغيرة وشبه الصناعية. وتُقدّر احتياطات الجزائر من الذهب بنحو 173.56 طنًا، ما يجعلها تحتل المرتبة الأولى في إفريقيا، و26 عالميًا، حسب بيانات المجلس العالمي للذهب (World Gold Council) الصادرة في سبتمبر 2024.

هذا و شرعت الحكومة الجزائرية في مراجعة شاملة لقانون المناجم، تمخض عنها مشروع قانون جديد يُرتقب أن يعرض على البرلمان خلال الدورة التشريعية الحالية، وذلك بهدف إحداث قفزة نوعية في تسيير الثروات المنجمية وتحقيق قدر أكبر من الجاذبية للاستثمار، خاصة الأجنبي. ويأتي هذا المشروع في سياق رغبة الدولة في تحرير الطاقات الكامنة للقطاع المنجمي الذي ظل لسنوات رهين البيروقراطية والتأطير القانوني المحدود.

من أبرز المستجدات التي جاء بها مشروع القانون الجديد، إلغاء قاعدة الشراكة 49/51 في مجال استغلال المناجم، والتي كانت تلزم المستثمر الأجنبي بإشراك طرف جزائري بنسبة أغلبية. وبدلاً من ذلك، يسمح المشروع بمنح تراخيص الاستغلال المباشر بعد مرحلة الاستكشاف الناجحة، دون المرور عبر شركات عمومية. كما يكرّس نظام “الشباك الموحد” عبر الوكالة الوطنية للنشاطات المنجمية لتسهيل وتسريع إجراءات منح التراخيص، مع تحديد آجال زمنية قانونية للرد على طلبات المستثمرين.

ويركّز النص الجديد على إلزام المستثمرين بإقامة مشاريع تحويل محلي للمواد المستخرجة، في خطوة تهدف إلى خلق قيمة مضافة وطنية، والحد من تصدير المواد الخام. كما يُلزم الشركات بتوظيف الكفاءات الجزائرية، وتطبيق المعايير البيئية الصارمة، مع تقوية آليات الرقابة من طرف الوكالتين الوطنيتين للمناجم والجيولوجيا، بما يعزز الشفافية ويقلص من مظاهر الفساد والاستغلال العشوائي.

من جهة أخرى، حدّد مشروع القانون مدة استغلال المناجم بـ30 سنة، قابلة للتجديد، فيما خُصّصت مدة 15 سنة للمقالع، وهي إجراءات تمنح وضوحًا قانونيًا أكبر للمستثمرين وتحفز على الاستثمار طويل المدى. كما ينص المشروع على ضرورة خلق خريطة وطنية محدثة للموارد المنجمية، وتطوير الدراسات الجيولوجية لضمان استغلال عقلاني ومبني على بيانات دقيقة.

 

Exit mobile version