دخلت الاحتجاجات في مدينة لوس أنجلوس يومها الخامس على التوالي، على خلفية عمليات دهم نفذتها سلطات الهجرة الأمريكية (ICE) ضد مهاجرين غير موثقين، وهو ما فجّر موجة من الغضب الشعبي سرعان ما تحولت إلى أعمال شغب وتخريب في وسط المدينة.
وبحسب صحيفة Los Angeles Times، فقد فرضت رئيسة بلدية المدينة، كارين باس، حظرًا للتجوال يبدأ من الساعة الثامنة مساءً حتى السادسة صباحًا، بعد أن تعرّض ما لا يقل عن 23 متجرًا لأعمال تخريب خلال عطلة نهاية الأسبوع، فيما تجاوز عدد المعتقلين 300 شخص منذ بداية الاحتجاجات، من بينهم أكثر من 100 شخص ليلة الإثنين فقط.
في السياق ذاته، أفادت شبكة NBC Los Angeles بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمر بنشر نحو 4,000 عنصر من الحرس الوطني و700 من قوات المارينز لدعم الشرطة المحلية، خاصة حول مراكز احتجاز المهاجرين. وقد أثار هذا القرار انتقادات واسعة من السلطات في كاليفورنيا، حيث تقدّم الحاكم غافين نيوسوم بدعوى قضائية عاجلة لمنع استخدام القوات الفيدرالية في عمليات حفظ النظام داخل المدينة، معتبرًا أن ذلك يشكل انتهاكًا لقوانين الولاية.
من جهة أخرى، كشفت وكالة Associated Press عن فتح تحقيقات في أكثر من 27 حادثة اعتداء استهدفت صحافيين أثناء تغطيتهم للاحتجاجات، تضمنت استخدام الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي.
ورغم تشديد الإجراءات الأمنية، لا تزال المظاهرات مستمرة في عدة أحياء، وسط دعوات من منظمات مدنية لوقف “الترهيب الأمني” وضمان احترام حقوق المهاجرين.
للاشارة آخر مرة تم فيها تفعيل حظر تجول في الولايات المتحدة، قبل احتجاجات لوس أنجلوس الجارية، كانت خلال ماي 2020 أثناء احتجاجات حياة السود مهمة (Black Lives Matter) عقب مقتل جورج فلويد على يد شرطي في مينيابوليس. وقد تم فرض حظر تجوال في أكثر من 40 مدينة أميركية، بينها نيويورك، لوس أنجلوس، أتلانتا، فيلادلفيا، وواشنطن العاصمة.
و شهدت الولايات المتحدة عبر تاريخها محطات احتجاجية شكّلت منعطفات فارقة في مسار الحقوق المدنية والعدالة الاجتماعية. من أبرز هذه المحطات مسيرة واشنطن سنة 1963، التي نظمتها حركة الحقوق المدنية بقيادة مارتن لوثر كينغ جونيور، وشارك فيها نحو 250 ألف شخص تجمعوا أمام نصب لنكولن التذكاري للمطالبة بإنهاء الفصل العنصري وتحقيق المساواة العرقية. وقد أُلقي فيها خطاب “عندي حلم” الشهير، ما جعلها لحظة مفصلية مهّدت لصدور قانون الحقوق المدنية عام 1964.
بعد نحو ثلاثة عقود، شهدت لوس أنجلوس سنة 1992 واحدة من أعنف الاحتجاجات في التاريخ الأميركي الحديث، عقب تبرئة أربعة ضباط بيض من تهمة ضرب المواطن الأسود رودني كينغ، رغم وجود تسجيل يوثق الاعتداء. استمرت أعمال الشغب ستة أيام، وأسفرت عن مقتل 63 شخصًا وخسائر مادية تجاوزت مليار دولار، ما كشف عمق الغضب المتراكم تجاه عنف الشرطة والتفاوت العنصري في منظومة العدالة.
أما في سنة 2020، فقد مثّلت وفاة جورج فلويد تحت ركبة شرطي في مينيابوليس شرارة لأوسع حركة احتجاجية عرفتها البلاد منذ الستينيات. تظاهر ملايين الأميركيين في مختلف الولايات تحت شعار “حياة السود مهمة” (Black Lives Matter)، مطالبين بإصلاحات جذرية في أجهزة الأمن، وإعادة النظر في ممارسات التمويل والسيطرة داخل المؤسسات الشرطية. ومع أن الحراك انطلق من قضية عنف الشرطة، إلا أنه تحوّل إلى حركة اجتماعية شاملة أعادت طرح قضايا التمييز والعدالة العرقية على الأجندة السياسية والإعلامية في الولايات المتحدة.