التهديد السيبراني: ما الذي يجب أن تستخلصه الجزائر من الضربة الموجهة ضد إيران

تكشف التطورات الأخيرة في الهجوم الإسرائيلي على إيران عن بعدٍ أكثر عمقًا وخطورة، يتمثل في البنية التحتية الاستخباراتية والرقمية التي تديرها الولايات المتحدة، والتي تُعدّ العمود الفقري للعمليات الاستهدافية المعقدة. الصحفي الفرنسي جاك ماري بورجيه، وفي تصريح لموقع Algerie Patriotique، شدد على أن إيران “مخترقة بشكل واسع من قبل الجواسيس وتخضع لأكثر أشكال الرقابة الإلكترونية تطورًا”، في إشارة إلى مدى تغلغل الشبكات الاستخباراتية الغربية في البنية الأمنية الإيرانية.

ووفقًا لتقرير موقع  Algerie Patriotique وحسب جون ماري بورجيه، فإن واشنطن تتمتع بقدرة فائقة على التقاط وتحليل كل أشكال الاتصالات داخل إيران، ما يسمح لها بتحديد الأشخاص المؤثرين في دوائر القرار وتوقيت العمليات وأماكن تواجد القيادات. هذه المعطيات تستند إلى شبكة واسعة من التجسس الإلكتروني، كشفت تقارير سابقة عن امتدادها لتشمل دولًا أوروبية حليفة، بما في ذلك الفاتيكان وإيطاليا والمملكة المتحدة.

واشار التقرير الصحفي أن صحف إيطالية تحدثت عن تورط شركة تحقيقات خاصة مقرها ميلانو في عمليات اختراق ضخمة استهدفت قواعد بيانات أمنية بهدف الوصول إلى معلومات حساسة حول المعاملات المالية والتحقيقات الجنائية، حتى أن قائمة المستهدفين ضمت سياسيين وفنانين ورياضيين. هذه العمليات تمت بتكليف وتمويل قدّر بمليون يورو، وشملت كذلك تنفيذ هجمات سيبرانية ضد شخصيات قريبة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

واضشار كاتب المقال أنه رغم وجود اتفاقات رسمية بين أوروبا والولايات المتحدة تقضي بعدم التجسس المتبادل، إلا أن الواقع يعكس تجاهلًا صارخًا لها من قبل وكالات مثل الـNSA والـCIA. ففي تقرير استقصائي أوروبي، تم الكشف عن استخدام أمريكا لشبكة الكابلات البحرية في الدنمارك للتجسس على زعماء أوروبيين بين 2012 و2014، وهي ممارسات أكدها إدوارد سنودن وجوليان أسانج في تسريبات سابقة.

أما في سياق الهجوم على إيران، فإن استهداف علماء ومسؤولين كبار ومواقع نووية، لم يكن ليتم دون دعم سيبراني أمريكي، رغم امتلاك إسرائيل لقدرات رقمية متقدمة. هذا يؤكد أن الحروب الحديثة لم تعد تُخاض بالصواريخ وحدها، بل بالذكاء الاصطناعي والهندسة الرقمية والشبكات الاستخباراتية العابرة للحدود.

و أكد الموقع أنه و في هذا المشهد المعقّد، تسعى الجزائر إلى بناء سيادتها الرقمية من خلال سياسات أمنية صارمة وتوجه نحو تقليص الاعتماد على المنصات الرقمية الأجنبية. وقد شرعت بالفعل في الانخراط في جهود دولية لتعزيز أمنها السيبراني بعد عام 2025، مع التركيز على حماية فضائها الرقمي من محاولات الاختراق والتضليل.

الرسالة واضحة: الحروب الحديثة تبدأ من لوحة مفاتيح… والعدو لا يحتاج جنديًا ليبلغ قلب الدولة.

للاشارة جاك-ماري بورجيه هو أحد أبرز الأقلام الصحفية الفرنسية التي خاضت غمار التغطية الميدانية في أكثر مناطق العالم اشتعالًا. صحفي وكاتب متمرّس، وُلد في سان-بيير-مونتليمار، وراكم خبرة طويلة من خلال عمله في كبريات الصحف الفرنسية مثل باريس ماتش ولوكسبريس. عُرف بشجاعته المهنية، حيث أصيب بجروح خطيرة أثناء تغطيته للأحداث في فلسطين المحتلة، وكان من أوائل من فضحوا دور الاستخبارات الفرنسية في قضية تفجير سفينة غرينبيس، وهو التحقيق الذي نال بفضله جائزة “Scoop” سنة 1985. يُعدّ بورجيه اليوم صوتًا ناقدًا للهيمنة الغربية، ومتخصصًا في قضايا الشرق الأوسط، حيث يجمع في كتاباته بين المعرفة العميقة والجرأة التحليلية.

Exit mobile version