هل هي لعنة القدافي…سقوط أحد رجالات “العصابة الأطلسية”

في خطوة محمّلة بالرمزية السياسية والثقل القانوني، أعلنت الجريدة الرسمية الفرنسية، يوم الأحد 15 جوان 2025، عن صدور مرسوم يقضي بتجريد الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي من وسام “جوقة الشرف”، وهو أعلى وسام تمنحه الجمهورية الفرنسية، وذلك على خلفية إدانته بتهم الفساد واستغلال النفوذ.

هذا القرار الرسمي لا يُعد مجرد عقوبة رمزية، بل يمثل لحظة سقوط مدوية لأحد أبرز رجالات ما بات يُعرف في الأوساط السياسية العربية بـ”العصابة الأطلسية” – التحالف الثلاثي بين ساركوزي وأوباما وكاميرون، الذي قاد التدخل العسكري في ليبيا سنة 2011، تحت غطاء حلف الناتو. تدخلٌ انتهى بإسقاط نظام معمر القذافي ومقتله في مشهد دموي ما زالت تبعاته تُثقل كاهل ليبيا.

كان ساركوزي من أكثر المتحمسين للتدخل العسكري، وهو ما أثار، حينها، تساؤلات واسعة، خاصة في ضوء ما كشف لاحقًا من معطيات حول احتمال تلقيه تمويلًا لحملته الرئاسية عام 2007 من نظام القذافي نفسه. هذه الفرضية، التي لم تعد اليوم مجرد إشاعة، تقف في صلب ملفات التحقيق القضائي الجارية ضده، حيث يُشتبه في أنه أبرم “صفقة فساد” عبر مقربين منه مع النظام الليبي سنة 2005.

وقد أيدت أعلى هيئة قضائية في فرنسا، العام الماضي، الحكم القاضي بسجنه ثلاث سنوات، منها سنة واحدة مع المراقبة الإلكترونية، في سابقة تاريخية بحق رئيس فرنسي سابق. كما خضع ساركوزي لشروط قضائية مشددة، منها تحديد تحركاته والاستجابة للاستدعاءات، في انتظار المحاكمة الأهم المرتقبة يوم 25 سبتمبر المقبل، بخصوص قضية “التمويل الليبي”.

وبينما لا يزال الملف القضائي مفتوحًا، يرى كثيرون أن سقوط ساركوزي – أحد أركان المعسكر الغربي الذي خرب ليبيا باسم “الحرية” – قد يكون البداية فقط، في انتظار سقوط بقية أعضاء “العصابة الأطلسية” الذين هندسوا الفوضى في المنطقة تحت شعارات أخلاقية سرعان ما تبيّن أنها مجرد أوراق تين تخفي مصالح جيوسياسية ومالية.

ولم يكن التدخل في ليبيا سنة 2011 سوى حلقة من حلقات التدخلات الغربية بقيادة “العصابة الأطلسية”، والتي بدأت قبل ذلك بسنوات في العراق. ففي عام 2003، قاد التحالف الأطلسي، بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية وبمشاركة بريطانية فعالة، وتبقى الطريقة التي أُعدم بها الرئيس العراقي صدام حسين شاهدًا صارخًا على الطابع البربري بعد  حملة عسكرية انتهت بإسقاط نظام الرئيس العراقي صدام حسين. استُند في هذا التدخل إلى مزاعم امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل، وهي الادعاءات التي ثبت لاحقًا زيفها، لكن نتائج الغزو كانت كارثية: تفكك الدولة، انهيار المؤسسات، مقتل مئات الآلاف، وفتح أبواب الفوضى أمام الجماعات المتطرفة والطائفية. وقد رأى كثيرون في هذا النموذج تمهيدًا لسياسة “الهدم المُمنهج” التي اعتمدها الحلف الأطلسي في الشرق الأوسط، تحت شعارات زائفة من قبيل “الديمقراطية” و”الحرية”.

 

Exit mobile version