بريد الجزائر…من هم النجوم الذين طبعوا التاريخ وطُبعوا على الطوابع؟

لطالما كان المسرح الجزائري أكثر من مجرّد فن. لقد شكّل، منذ بداياته، صوتًا للناس، ومرآةً للوجدان الجماعي، ومنبرًا للمقاومة الثقافية. في بلدٍ عانى من الاستعمار، ثم من الجراح الداخلية، ظل المسرح صوتًا لا يموت، يصرخ حين يسكت الجميع، ويضحك حين يصبح الضحك فعل تحدٍّ.
من هنا، لم يكن غريبًا أن يختار البريد الجزائري أن يخلّد، عبر طوابعه الجديدة، ستة من كبار المسرحيين الجزائريين الذين تركوا بصماتهم على الخشبة، وفي الضمير الثقافي للأمة.
رجال ونساء لم يكونوا مجرد ممثلين أو مخرجين، بل كانوا روّادًا ومجدّدين، بعضهم دفع حياته ثمنًا لفنه، وبعضهم ناضل سنوات ليمنح للمسرح مكانته. هؤلاء هم من رأت الدولة الجزائرية، ممثلة في بريدها، أن تكرّمهم على الورق كما في الذاكرة، ليبقوا رموزًا حيّة لجيل اليوم والغد، وفي ما يلي، نلقي الضوء على كل اسم من هذه الأسماء الخالدة:

و أصدرت وزارة البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية الجزائرية، يوم أمس السبت، مجموعةً جديدةً من الطوابع البريدية تحت عنوان “نساء ورجال المسرح”، في خطوةٍ تهدف إلى تكريم الذاكرة الثقافية الجزائرية وإبقاء إرث رموز الفن الرابع حيًّا.

محي الدين باشطارزي

يُلقّب بـ”أبو المسرح الجزائري”، ولد سنة 1897 وهو من أوائل من جعلوا من الخشبة أداة نضال ضد الاستعمار. بدأ بالغناء الأندلسي، ثم أنشأ فرقًا مسرحية شعبية جعلت من الفن وسيلة لتثقيف الجماهير، كان مثقفًا إصلاحيًا، وعضوًا في جمعية العلماء المسلمين، ونجح في تمرير رسائل سياسية من خلال الكوميديا والدراما.
من أعماله الخالدة ” سليمان اللك” “الهاشمي الطيب” “البخيل” وكان له الفضل في تكوين جيلٍ كامل من الممثلين والمبدعين، توفي سنة 1986

ولد عبد الرحمن كاكي

من مواليد مستغانم، سنة  1934 وكان من أوائل من دمجوا بين الشعر الشعبي، والفكر المسرحي الحديث، والموروث الصوفي. أبدع في استلهام الحكايات الشعبية وتحويلها إلى نصوص مسرحية تنبض بالحياة والأسئلة.
أعماله 132 سنة، “بني كلبون”، “الديوان”، “الشهداء يعودون هذا الأسبوع”، وتُعدّ مرجعًا في المسرح الشعبي الجزائري، بقي وفيًا للغة العامة، وأصرّ على أن المسرح يجب أن يُخاطب الناس بلغتهم، دون أن يفقد عمقه أو رسالته، توفي سنة 1995

عائشة عجوري

إحدى الوجوه النسائية التي أثبتت حضورها منذ بدايات الاستقلال، ولدت سنة  1938شاركت في تأسيس الحركة المسرحية بعدة ولايات. عُرفت بدورها كأم جزائرية قوية ومتواضعة في آن واحد، كما أبدعت في أدوار المرأة الشعبية والريفية، كانت تُجسّد، بحضورها الصادق، ذاكرة اجتماعية كاملة، وامتازت بأداء يلامس القلوب. قدّمت أعمالًا بقيت محفورة في ذاكرة المسرح الوطني توفيت سنة 2022 .

عبد القادر علولة

كاتب ومخرج مسرحي ولد سنة 1939 ، يُعد من أبرز رموز المسرح الجزائري الحديث. تبنّى أسلوب “الحلقة” المستمد من الموروث الشعبي، لكنه حمّله مضمونًا نقديًا وسياسيًا يعكس هموم المواطن، كان مؤمنًا بدور المسرح في التغيير الاجتماعي، وعرف كيف يحوّل اللغة الدارجة إلى أداة فنية راقية. من أبرز أعماله:ثلاثيته الشهيرة ( الأجواد، اللثام، القوال).
اغتيل في مارس 1994 على يد الجماعات المسلحة، بينما كان يستعد لعرض مسرحي جديد، فصار رمزًا للمثقف الذي لم يُساوم.

عز الدين مجوبي

ولد في سوق أهراس سنة 1951، وعُرف بمسرحه الذي يخاطب الجرح الجزائري العميق. اشتُهر بأسلوبه التهكّمي الساخر، وحوّل الألم إلى طاقة فنية خلاقة، من أشهر أعماله: قالوا العرب قالوا، السطح، القراب والصالحين.
اغتيل عام 1995 أمام المسرح الوطني، وكان ذلك صدمة ثقافية كبيرة في الجزائر، لا سيما وأنه كان في عز عطائه :

صونيا (سكينة مكيو)

ولدت في الميلية بجيجل سنة 1953، وبدأت مسيرتها الفنية في سن مبكرة. كانت صوتًا نسويًا متميزًا في مسرح يغلب عليه الحضور الذكوري، ولم تكتف بالتمثيل بل خاضت الإخراج وأدارت مسارح جهوية في عنابة والجزائر العاصمة وسكيكدة.
صاحبة مسرح ملتزم، يعالج قضايا المرأة والهويّة والانتماء، وكانت تتميز بأداء داخلي عميق وكاريزما آسرة على الركح، أعمالها نالت احترام النقاد والجمهور، وقد مثّلت الجزائر في مهرجانات عالمية، وخلّفت إرثًا كبيرًا من العروض، أهمها: ليلة في الجزائر، قالت شهرزاد. توفيت سنة 2018 .

Exit mobile version