ستُعرض قريبًا في مزاد حصرى تنظمه دار Bonhams بلندن، لوحة زيتية فريدة من نوعها للمهاتما غاندي رسمتها الفنانة البريطانية–الأمريكية Clare Leighton عام 1931، ويُعتقد أنها اللوحة الوحيدة التي جلس لها غاندي بنفسه أثناء رسمها.
لوحة للمهاتما غاندي النادرة بقيت ضمن مقتنيات العائلة ولم يُعرض عليها مشهد عام إلا نادرًا، إذ صوّرت في لندن خلال مؤتمر المائدة المستديرة، وعُرضت لاحقًا في عام 1978 بإحدى المكتبات العامة. تعرّضت لوحات لغواية تخريبية على يد ناشط متطرف حوالي عام 1974 قبل أن تُرمّم .
من المتوقع أن يُطرح العمل في المزاد الإلكتروني والعام في الفترة من 7 إلى 15 جوان 2025، بتقدير مبدئي يراوح بين 50 ألفًا و70 ألف جنيه إسترليني (~68–95 ألف دولار)
وقد وصفت Rhyanon Demery، مسؤولة المبيعات بقسم السفر والاكتشافات في Bonhams، العمل بأنه “نادر جدًا”، وأكد Caspar Leighton، ابن شقيقة الرسامة، أنه “كنز مخفي”
هذه اللوحة تمثل أكثر من مجرد رسم، إذ تُشكّل وثيقة تاريخية تربط غاندي بلحظة من اللقاء الفني في قلب سياسة التفاوض البريطاني – الهندي. وبما أنها لم تُطرح للبيع من قبل، فإنها تجذب اهتمام جامعي التحف المؤرخين، وربما تغيير حقيقي في تقدير قيمة الفن المرتبط بشخصيات تاريخية بارزة.
للاشارة المهاتما غاندي، واسمه الكامل موهانداس كرامتشاند غاندي، هو شخصية محورية في التاريخ الحديث، اشتهر بكونه قائد حركة الاستقلال في الهند ضد الاستعمار البريطاني، لكنه تجاوز ذلك ليصبح رمزًا عالميًا للنضال السلمي واللاعنف. وُلد غاندي في 2 أكتوبر 1869 بمدينة بوربندر في ولاية غوجارات الهندية، ودرس القانون في بريطانيا قبل أن ينتقل إلى جنوب إفريقيا، حيث بدأ نضاله ضد التمييز العنصري، وهو ما شكّل نقطة التحول في مسيرته السياسية والفكرية.
طور غاندي فلسفة “الساتياغراها”، أي “قوة الحقيقة” أو “التمسك بالحقيقة”، والتي تقوم على المقاومة السلمية كوسيلة لمواجهة الظلم دون اللجوء إلى العنف. كانت هذه الفلسفة الأساس في حملاته ضد قوانين بريطانيا المجحفة في الهند، حيث قاد مظاهرات كبرى، من بينها “مسيرة الملح” عام 1930، احتجاجًا على احتكار البريطانيين لإنتاج الملح، ما أكسبه احترامًا عالميًا ولفت أنظار العالم إلى القضية الهندية.
غاندي لم يكن قائدًا سياسيًا فحسب، بل كان زاهدًا أيضًا؛ عاش حياة بسيطة، نسج ملابسه بيده، وكان نباتيًا، وامتنع عن المظاهر الدنيوية. دعا إلى الوحدة بين الهندوس والمسلمين، وهو ما جعله هدفًا للمتطرفين، حيث اغتيل في 30 يناير 1948 على يد قومي هندوسي رأى في دعوته إلى التسامح تهديدًا للوطنية الهندوسية.
تأثير غاندي تجاوز حدود الهند؛ ألهمت مبادئه قادة كبارًا في حركات التحرر المدني مثل مارتن لوثر كينغ في أمريكا، ونيلسون مانديلا في جنوب إفريقيا، وليخ فاونسا في بولندا. لا تزال أفكاره تُدرّس في الجامعات وتُستلهم في الحركات السلمية حول العالم، ما يجعل منه أيقونة خالدة في الضمير الإنساني العالمي.
و تكريمًا لإرثه النضالي وفكره الإنساني، أطلقت الجزائر اسم المهاتما غاندي على أحد شوارع مدينة وهران، في خطوة رمزية تعكس تقديرها لهذا الزعيم التاريخي الذي ناصر قضايا الحرية والعدالة، والذي ألهم شعوبًا كثيرة في كفاحها ضد الاستعمار، بما في ذلك الشعب الجزائري نفسه.