في واقعة أثارت جدلًا واسعًا وأسئلة محرجة داخل المؤسسة العسكرية “الإسرائيلية”، سجّلت القبة الحديدية خلال الهجمات الصاروخية الإيرانية الأخيرة حالات صادمة من “الاشتباك الذاتي”، حيث انطلقت صواريخها الاعتراضية لتصيب بطاريات الدفاع الجوي “الإسرائيلية” نفسها. وبينما وصفت بعض التحليلات هذه الظاهرة بالخلل التقني، تشير معطيات متقاطعة إلى احتمال استخدام إيران لمنظومة الحرب الإلكترونية “كوبرا 8V”، التي طوّرتها استنادًا لتقنيات روسية متقدمة، قادرة على التشويش على شبكات الاتصالات وتزييف أوامر القيادة. فهل كانت هذه الضربات الذاتية نتيجة اختراق إلكتروني متعمّد؟ أم أن إسرائيل بدأت تدفع ثمن مبالغتها في الثقة بمنظومتها الدفاعية؟
و تشير معلومات وتقارير متداولة مؤخرًا إلى احتمال استخدام تقنيات حرب إلكترونية متقدمة خلال المواجهة الأخيرة بين إيران و”إسرائيل”، حيث ظهرت أعطال غير مسبوقة في أداء منظومة القبة الحديدية” الإسرائيلية”. الحرس الثوري الإيراني أعلن أن هذه الاختلالات ناتجة عن “قدرات استخباراتية ومعدات جديدة” مكّنت من تشويش أنظمة القيادة والسيطرة الإسرائيلية، حدّ وصف البيان الإيراني.
الحديث عن هذه الأعطال تزامن مع بروز اسم مألوف في أوساط التكنولوجيات العسكرية: “كراسوخا – 4″، منظومة الحرب الإلكترونية الروسية المعروفة باسم “الجميلة”. هذه المنظومة سبق أن ارتبط اسمها بعدة حوادث إرباك إلكتروني في سوريا، وها هو الحديث يتجدد بشأن تأثيرها المحتمل على القبة الحديدية، رغم المسافة التي تفصل مواقع تمركزها عن الأجواء الإسرائيلية.
تقديرات إعلامية وخبراء عسكريون ألمحوا إلى أن النظام الإيراني قد استخدم نسخة محلية مطورة تُدعى “كوبرا – 8 V”، وهي منصة حرب إلكترونية يقال إنها مستوحاة تقنيًا من “كراسوخا – 4”. وتشير تحليلات روسية إلى أن هذه المنظومة نجحت – على الأقل في مرحلة مبكرة من المواجهة – في اختراق أنظمة نقل البيانات وإفساد إشارات التحكم في الصواريخ الاعتراضية، ما أدى إلى ظاهرة وصفها البعض بـ”جنون القبة”، حين بدأت الصواريخ الإسرائيلية تصطدم ببعضها البعض أو تُطلق بشكل عشوائي.
رغم أن مدى “كراسوخا – 4” المعلن لا يتجاوز 300 كلم، إلا أن بعض الخبراء يشيرون إلى احتمال أن يكون النطاق الحقيقي لها أكبر بكثير. وإذا كان الأمر كذلك، فإن ذلك يطرح تساؤلات استراتيجية بشأن هشاشة بعض المنظومات الدفاعية الإسرائيلية أمام تطورات الحرب الإلكترونية.
الأكثر لفتًا للانتباه هو التناقض بين ادعاءات الشركة المصنعة للقبة الحديدية ببلوغها نسبة اعتراض تبلغ 90%، وبين تواتر الحوادث التي تظهر خللاً بنيويًا عند مواجهتها لتقنيات تشويش متقدمة. فعلى الرغم من تفوقها العددي والتقني، فشل النظام في التصدي الكامل لصواريخ توصف في الغالب بالبسيطة، ما يجعل الاختراق المحتمل عبر وسائل إلكترونية أكثر تعقيدًا من مجرد حادث معزول.
الخبراء في هذا السياق لا يستبعدون فرضية أن تكون الحرب الإلكترونية قد دخلت طورًا جديدًا، تُستخدم فيه تقنيات التشويش والخداع في مراحل مبكرة من الاشتباك. وإذا صح ذلك، فإن حروب المستقبل قد تُحسم قبل أن يُطلق أول صاروخ، بمجرد الضغط على زر “تشويش”.
المصدر : RT