عبد الصمد شنافي ….الفيلم الوثائقي يمكن أن يكون مشروعًا ثقافيًا واقتصاديًا مستدامًا

يواصل المخرج الجزائري عبد الصمد شنافي، صانع الأفلام الوثائقية، مسيرته في توظيف السينما كأداة للتفكير والتوثيق، و يرى شنافي في الصورة وسيلة للحوار، وفي الكاميرا مرآةً تعكس ما خفي من الذاكرة الجمعية.

المخرج، شنافي الحائز على جوائز وطنية والمشارك في مهرجانات دولية، ينطلق في أعماله من خلفيته الأكاديمية في علم الاجتماع، ويعتبر أن السينما الوثائقية “مسؤولية ثقافية” ومجال لبناء وعي جماعي، خاصة في بلدان مثل الجزائر، حيث لا تزال الكثير من القصص تنتظر أن تُروى بصدق وعمق.

في أحدث أعماله “الدر المكنون”، عاد شنافي إلى قصر بوسمغون بولاية البيض، ليقدّم تجربة بصرية مختلفة، تمزج بين الصمت والعمق الصوفي للمكان. الفيلم الذي تم تصويره دون مؤثرات زائدة، ترك المجال للحجارة والمعمار أن تروي القصة بطريقتها الخاصة.

وقد لاقى العمل صدىً واسعًا، حيث عُرض ضمن فعاليات برنامج “نيويورك تتكلم عربي”، ليحمل رسالة ثقافية من الجنوب الجزائري إلى جمهور عالمي، وليؤكد مرة أخرى أن الوثائقي يمكن أن يكون أداة للتفكير والتواصل الحضاري، لا مجرد تسجيل للواقع.

عبد الصمد شنافي حامل مشروع ناشئ InnovCrasc

في الوقت الذي ما تزال فيه صناعة السينما الوثائقية في الجزائر تُصنَّف ضمن المبادرات الثقافية ذات الطابع النخبوي، يطرح عبد الصمد شنافي مقاربة مختلفة: تحويل الفيلم الوثائقي من منتج رمزي إلى رافعة اقتصادية حقيقية، قادرة على خلق القيمة، وتوليد فرص العمل، وجذب التمويل الذكي.

فمن خلال مشاركته في ورشات حاضنة InnovCrasc، لم يكن شنافي يبحث فقط عن دعم مالي لمشروعه القادم، بل كان ينقّب عن نموذج اقتصادي بديل يمكن أن يُدرج الفيلم الوثائقي ضمن الدورة الإنتاجية الجديدة للاقتصاد الإبداعي. وهو يرى أن قوة الفيلم الوثائقي لا تكمن فقط في موضوعه أو جماليته، بل في قدرته على اختراق أسواق متعددة، بدءًا من المنصات الرقمية، وصولًا إلى المعارض الفنية والمهرجانات الدولية، وحتى السوق التعليمية والثقافية المتخصصة.

“السينما الوثائقية،” كما يقول، “قادرة على التحول إلى منتج قابل للتصدير، إذا ما تم التعامل معها كقطاع ثقافي مستدام، لا كترف جمالي أو ترف فكري.”

مشروعه الجديد، الذي يتجاوز سردية النقل نحو إنتاج معنى بصري معولم، يندرج ضمن هذا المسار: استثمار في سوق ثقافية هجينة، تستهدف جمهورًا متعدّد اللغات، متعدّد الخلفيات، وتحاكي اهتمامات تمتد من الهوية إلى التحوّلات الاجتماعية والاقتصادية.

بهذا المعنى، فإن السينما الوثائقية – في تصور شنافي – ليست فقط أداة تفكير، بل أداة إنتاج اقتصادي كذلك، ما دامت قادرة على خلق محتوى ذي صلة، يحمل بُعدًا عالميًا، ويجد تموقعًا في بيئة إنتاج تتبنى الابتكار، والشراكات، والتوزيع متعدد المنصات.

للاشارة InnovCrasc هي حاضنة أعمال جزائرية تابعة لمركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية بوهران (CRASC). تهدف إلى دعم الشباب الجامعي وحاملي المشاريع من أجل تحويل أفكارهم إلى مشاريع مبتكرة قابلة للتنفيذ. تقدم الحاضنة ورشات تدريبية، مرافقة تقنية، ونصائح من خبراء لمساعدة المشاركين على تحسين أفكارهم وتقديمها بشكل احترافي للحصول على وسم “مشروع مبتكر” عبر منصة Startup.dz. وتعمل InnovCrasc على ربط البحث العلمي بعالم الريادة، من خلال رؤية تشجع على الابتكار المحلي والتنمية المستدامة.

Exit mobile version