في كلمته خلال حفل تخرج دفعات المدرسة العليا الحربية، رسم الفريق أول السعيد شنڤريحة، رئيس أركان الجيش الجزائري، ملامح رؤية استراتيجية عميقة لدور النخبة العسكرية في مستقبل الدفاع الوطني. فالمسألة، كما أوضح، تتجاوز التكوين الكلاسيكي لتلاميذ المدارس العسكرية، نحو بناء جيل من القادة يتمتعون بنفاذ البصيرة، ورجاحة التحليل، والقدرة على استشراف التحديات القادمة.
وأكد الفريق أول السعيد شنڤريحة أن الجزائر، في ظل تعقيدات محيطها الجيوسياسي، في أمسّ الحاجة إلى نخبة عسكرية لا تكتفي بالتفاعل مع المعطى الظرفي، بل تكون قادرة على قراءة خريطة المتغيرات والاستفادة من المؤشرات الدقيقة لفهم الخلفيات والسياقات العميقة التي تحكم الأحداث. هذه النخبة، بحسب المسؤول العسكري، يجب أن تكون على اتصال دائم بالمحيط البحثي والعلمي، مسلّحة برؤية استباقية، تُجنّب البلاد المفاجآت وتتيح للجيش المبادرة ضمن إطار العقيدة الدفاعية.
وقال شنڤريحة إن هذه الرؤية تمثل جوهر المشروع الاستراتيجي للجيش الوطني الشعبي، والذي يقوم على صناعة قرارات مدروسة تسبق الأحداث، وتستبق التهديدات، وتعزّز صلابة الجزائر الأمنية في بعدها الشامل، دون انفصال عن عمقها الشعبي.
وفي هذا السياق، شدد رئيس الأركان على أن الهدف لا يكمن فقط في رد الفعل أو المواكبة، بل في التموقع كمبادر في مواجهة التحديات، انطلاقًا من وعي شامل بالمخاطر واستعداد دائم لمواجهتها بأساليب عصرية وفعالة.
هذه المقاربة، التي تربط بين التكوين، والتحليل، والاستباق، تضع المدرسة العليا الحربية في قلب معادلة الأمن القومي، باعتبارها فضاءً لإنتاج الفكر العسكري الموجَّه، ونقطة ارتكاز لمواجهة رهان المستقبل، بما يعزّز موقع الجيش الوطني الشعبي كضامن للأمن والاستقرار، وكسند دائم للشعب الجزائري في كافة الظروف.