تشير المعطيات الواردة في تقرير لوكالة رويترز إلى تصاعد مثير للقلق في حالات اختطاف نساء وفتيات سوريات من “المجتمع العلوي” في مناطق الساحل السوري، لا سيما في محافظات طرطوس واللاذقية وحماة، منذ سقوط النظام السوري نهاية عام 2024. ورغم تغيّر معادلات السيطرة في البلاد، إلا أن عمليات الاختطاف باتت تشكل كابوسًا يوميًا للأسر العلوية، وسط غياب شبه تام للسلطات الجديدة أو أي جهة ضامنة للأمن.
بحسب رويترز، تم توثيق ما لا يقل عن 33 حالة اختفاء لنساء وفتيات “علويات” تتراوح أعمارهن بين 16 و39 عامًا، بين شهري جانفي وماي 2025 فقط. وتنوّعت هذه الحالات بين خطف في وضح النهار من الشوارع، أو استدراج داخل سيارات خاصة، أو حتى مداهمات لمنازل في بعض القرى النائية.
في شهادتها للوكالة، تقول والدة عبير سليمان، وهي شابة سورية من “المجتمع العلوي” تبلغ من العمر 26 عامًا اختطفت في طرطوس، إن الخاطفين طلبوا فدية قدرها 15 ألف دولار، وتم تسليم المبلغ عبر وسيط محلي، لكن عبير لم تعد، ولا معلومات عنها حتى الآن. وتكرر المشهد ذاته مع عائلات أخرى تحدثت للوكالة، حيث تراوحت الفديات بين 1500 إلى 100 ألف دولار، دون أي ضمان بعودة المخطوفات، ما يجعل الأمر أقرب إلى ابتزاز منظم.
اللافت في التقرير أن السلطات المحلية، سواء في مناطق سيطرة النظام أو في المناطق الأخرى، تنكر حصول هذه الظاهرة أو تقلل من شأنها، حيث تصفها بأنها “مشكلات عائلية” أو “خلافات محلية”. لكن شهادات السكان ومسؤولي المجتمع المدني، إضافة إلى تقارير المنظمات الدولية، تؤكد أن الأمر تجاوز كونه حالات فردية وأصبح نمطًا ممنهجًا يستهدف الطائفة العلوية على خلفية طائفية أو انتقامية.
وتنقل رويترز عن مسؤول محلي في اللاذقية – طلب عدم الكشف عن اسمه – أن بعض هذه الفتيات يُهرّبن إلى خارج البلاد، سواء إلى لبنان أو إلى مناطق النفوذ التركي شمالًا، حيث تُباع بعضهن في شبكات الإتجار بالبشر أو يُحتجزن كورقة مساومة سياسية.
مع سقوط نظام الأسد أواخر 2024، دخلت سوريا في مرحلة فراغ سياسي وأمني، خاصة أن النظام الذي لطالما زعم تمثيلها لم يترك خلفه بنية دفاع ذاتي أو مؤسسات بديلة، مما جعلها عرضة للثأر أو الاستغلال، في ظل رواسب الحرب السورية والانقسامات المجتمعية العميقة.
ولعل الأكثر دلالة في التقرير، أن معظم العائلات من من “المجتمع العلوي” لا تتجرأ على تسجيل شكوى رسمية، خوفًا من الانتقام أو العزلة الاجتماعية، خصوصًا في ظل ما يُنظر إليه كـ”تصفية حساب تاريخية” مع شريحة كانت مرتبطة بالنظام السابق سياسيًا أو طائفيًا.