تراجع الاقتصاد الأميركي 2025

سجل الاقتصاد الأميركي انكماشًا ملحوظًا في الربع الأول من عام 2025، بعد أن تم تعديل بيانات الناتج المحلي الإجمالي إلى تراجع بنسبة 0.5٪ على أساس سنوي، مقابل تقدير سابق بلغ -0.2٪، وفق ما أوردته وكالة رويترز. وجاء هذا الانكماش نتيجة انخفاض إنفاق المستهلكين، الذي يُعد المحرك الأساسي للاقتصاد الأميركي، بالإضافة إلى ارتفاع ملحوظ في حجم الواردات قبيل فرض تعريفات جمركية جديدة.

وفي بيانات أخرى، أظهرت مؤشرات الاقتصاد الأميركي لشهر ماي الماضي تراجعًا في إنفاق المستهلكين بنسبة 0.1٪، خاصة في ما يتعلق بالسلع الكبرى كالمركبات، فيما سجل قطاع الخدمات ارتفاعًا طفيفًا بنسبة 0.1٪، ما يعكس استمرار حالة الحذر في سلوك الإنفاق. أما على صعيد التضخم، فقد ظل مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE)، وهو المقياس المفضل للاحتياطي الفيدرالي، في حدود نمو طفيف، ما قد يخفف من ضغوط رفع أسعار الفائدة في المدى القريب.

من جهة أخرى، واصلت مؤشرات الأسواق المالية الأميركية أداءها المتقلب، حيث سجل كل من مؤشري S&P 500 وناسداك مستويات قياسية خلال الأسبوع، في وقت تسود فيه حالة ترقب لتطورات سوق العمل والقرارات المقبلة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن الفائدة. وتشير التقديرات إلى تباطؤ طفيف في النشاط الاقتصادي خلال الأشهر المقبلة، وسط قلق متزايد من عودة السياسات الحمائية وتأثيرها على الحركة التجارية.

هذا و شهد الاقتصاد الأميركي خلال عامي 2023 و2024 مسارًا متقلبًا، تراوح بين النمو القوي في بعض الفصول والتباطؤ المقلق في فترات أخرى، ما يعكس هشاشة التوازن بين الاستهلاك الداخلي، والتحديات الخارجية، وتبعات السياسات النقدية المشددة.

في عام 2023، بلغ معدل النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي نحو 2.9%، مدعومًا بارتفاع الإنفاق الاستهلاكي واستمرار قوة سوق العمل، الذي وفّر أكثر من 3 ملايين وظيفة جديدة خلال السنة. كما سجّل معدل التضخم تراجعًا ملحوظًا من 8% في 2022 إلى نحو 4.1%، وهو ما اعتُبر مؤشرًا إيجابيًا لاستقرار الأسعار.

أما في عام 2024، فقد استمر الزخم الاقتصادي نسبيًا، حيث بلغ معدل النمو السنوي نحو 2.8%، رغم مؤشرات على بداية تباطؤ، خاصة في الربع الأخير من السنة. فقد أظهرت البيانات تراجعًا طفيفًا في الإنفاق الاستهلاكي، وسط حذر متزايد من التضخم والسياسات الحمائية التي أعادت الولايات المتحدة اعتمادها في سياق تجاري متوتر.

التحول الأبرز ظهر في بداية عام 2025، حين تم تسجيل انكماش بنسبة 0.5% في الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الأول. وقد عزت التقارير الاقتصادية هذا التراجع إلى انخفاض ملحوظ في إنفاق المستهلكين، وتباطؤ في القطاعات الإنتاجية، مع تزايد التوقعات بدخول الاقتصاد في مرحلة من الركود التضخمي (stagflation)، نتيجة تزامن التضخم مع تباطؤ النمو.

ورغم ذلك، يبقى الاقتصاد الأميركي، حتى الآن، قادرًا على امتصاص الصدمات، خاصة في ظل مرونة سوق العمل وقوة الشركات الكبرى، إلا أن المؤشرات العامة تدفع بالمحللين إلى ترقب حذر لما ستسفر عنه الأشهر المقبلة.

المصدر: رويترز + الصحفي

Exit mobile version