تطرق مقال لموقع “ألجيري باتريوتيك” إلى قضية إدانة الصحفي الفرنسي كريستوف غليز في الجزائر، مشيرًا إلى ما اعتبره خلفيات استخباراتية محتملة وراء نشاطه الإعلامي، وتسليط الضوء على السياق الأمني والسياسي الذي رافق توقيفه، لا سيما في ظل اتهامات متكررة بضلوع أجهزة فرنسية في محاولات لزعزعة الاستقرار الداخلي عبر واجهات إعلامية.
و أعتبر مقال “ألجيري باتريوتيك” أن قضية الصحفي الفرنسي كريستوف غليز، الذي أُدين مؤخرًا في الجزائر بالسجن سبع سنوات بتهمة “تمجيد الإرهاب”، تتجاوز مجرد التغطية الصحفية لشؤون رياضية محلية. فقد أشارت عدة جهات إلى أن وجوده في الجزائر تحت غطاء إعداد تقرير عن نادي شبيبة القبائل (JSK) لم يكن بالبراءة الظاهرة، خصوصًا أن النادي لم يحقق إنجازات رياضية بارزة منذ نحو عقدين، ما يثير تساؤلات حول طبيعة “الاهتمام الإعلامي” الفرنسي المفاجئ.
كاتب المقال اشار إلى أن القضية قد ترتبط بمحاولة اقتراب من تنظيم الماك المصنف كمنظمة إرهابية في الجزائر، مع التلميح إلى أن مهنة الصحافة الرياضية استُخدمت كغطاء “مثالي” للتمويه. وفي هذا السياق، أعادت بعض التحليلات التذكير بأدوار سابقة يُزعم أن جهاز الاستخبارات الخارجية الفرنسي (DGSE) لعبها في الجزائر، خاصة خلال فترة التسعينات، من خلال شبكات تم تجنيدها بطرق سرية لتأجيج الصراعات الداخلية.
ويُفهم من التسلسل الوارد أن توقيف الصحفي الفرنسي كريستوف غليز في الجزائر جاء نتيجة متابعة أمنية دقيقة شملت تحركاته واتصالاته، لا سيما في منطقة تيزي وزو، حيث يُقال إن العناصر الأمنية جمعت أدلة وُصفت بأنها “دامغة”. وتربط هذه التطورات بما اعتبره المقال نمطًا متكررًا في استخدام الصحفيين كواجهات لنشاطات استخباراتية، خاصة ممن يرتبطون بعلاقات غامضة مع جهات دبلوماسية فرنسية فاعلة في الجزائر.
كما لمح المقال إلى أن فرنسا تواجه اليوم أكثر من ملف مشابه في الجزائر، مع الإشارة إلى أسماء أخرى كـبوعلام صنصال، وتلميحات عن “إخفاقات استخباراتية” سابقة. وفي خلفية هذا المشهد، تحضر قراءات سياسية تتهم بعض الجهات الفرنسية بمحاولة بث الانقسام عبر استغلال قضايا الهوية والانتماء، ضمن ما يُقدَّم كاستراتيجية أوسع لزعزعة الاستقرار
للاشارة كريستوف غليز هو صحفي فرنسي “مستقل”، يُعرف باشتغاله في مجال الصحافة الرياضية، حيث يقدّم تغطيات وتحقيقات معمّقة في مجلات فرنسية معروفة مثل So Foot وSociety. يتميّز أسلوبه بالجمع بين الطابع السردي والتحليل الثقافي للرياضة، “. وعلى الرغم من تركيزه الظاهري على الرياضة، فإن بعض مواضيعه امتدّت إلى التداخلات السياسية والاجتماعية المرتبطة بعالم الكرة، ما أضفى على أعماله بعدًا يتجاوز التغطية التقليدية للأحداث الرياضية.
و للتذكير تمتلك الاستخبارات الفرنسية، وخاصة المديرية العامة للأمن الخارجي (DGSE)، سجلًا حافلًا في التدخلات خارج الحدود، حيث تعتمد على واجهات متعددة مثل الصحافة، والنقابات، والمنظمات غير الحكومية للتغلغل في المجتمعات المستهدفة. وقد أظهرت عدة حالات، من بينها توقيف صحفي فرنسي في الجزائر و”نقابيين” في إيران، أن فرنسا توظف أدوات ناعمة لأغراض استخباراتية صلبة، تتصل عادةً بتقويض الاستقرار أو التأثير على الرأي العام المحلي. هذا النمط من النشاطات يعكس استراتيجية فرنسية قديمة تسعى للحفاظ على نفوذها في مناطق تعتبرها امتدادًا لنفوذها التاريخي، خاصة في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل.
وكانت السلطات الإيرانية أعلنت في عام 2022 عن توقيف جاسوسَين فرنسيين كانا ينشطان داخل البلاد تحت غطاء العمل النقابي. ويتعلق الأمر بكل من سيسيل كوهلر ورفيقها جاك باريس، اللذين دخلا إيران بتأشيرة سياحية، لكن الأجهزة الأمنية كشفت أنهما كانا على اتصال بمجموعات داخلية وحاولا التحريض على الاضطرابات من خلال استغلال الحراك العمالي. وقدّمت طهران تسجيلات تُظهر لقاءات سرية لهما مع عناصر محلية، ما دعم اتهامهما بالتجسس والمساس بالأمن القومي. ورغم نفي فرنسا التهم، إلا أن القضية فتحت بابًا واسعًا للجدل حول توظيف بعض المنظمات والنقابات الدولية كغطاء لنشاطات استخباراتية في دول تشهد هشاشة سياسية أو احتجاجات اجتماعية.