في ختام الملتقى الدولي حول “جرائم الاستعمار في التاريخ الإنساني”، أطلقت الجزائر دعوة صريحة لتشكيل جبهة دولية موحدة ضد الاستعمار الجديد، يكون مقرها الجزائر، وتشمل دول الجنوب من إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
المبادرة الجزائرية لتشكيل جبهة دولية موحدة ضد الاستعمار الجديد تهدف إلى توحيد الجهود القانونية والسياسية في مواجهة أشكال الهيمنة الحديثة، والعمل على صياغة ميثاق دولي للعدالة التاريخية يعترف بجرائم الاستعمار كجرائم دائمة لا تسقط بالتقادم. هذا التوجه يعكس قناعة جزائرية راسخة بأن معركة الذاكرة لم تعد شأنًا وطنيًا فحسب، بل باتت جزءًا من صراع عالمي ضد محاولات فرض وصاية جديدة على شعوب طالما ناضلت من أجل تقرير مصيرها وسيادتها الكاملة.
هذا و اختُتمت بالجزائر العاصمة، يوم أمس الأربعاء، فعاليات الملتقى الدولي حول جرائم الاستعمار في التاريخ الإنساني، بتوصيات ركّزت على ضرورة بناء آليات قانونية وسياسية دولية تدافع عن الذاكرة الجماعية للشعوب وتناهض الاستعمار بأشكاله القديمة والجديدة.
وشدّد المشاركون في الملتقى الدولي حول جرائم الاستعمار على أهمية تأسيس منتدى دولي مقره الجزائر يُعنى بصياغة مبادرات فكرية وقانونية لمواجهة بقايا الاستعمار الجديد، مع اقتراح بإنشاء منتدى دائم للعدالة الجيوسياسية والذاكرة، يجمع دول الجنوب من إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، ويضطلع بإعداد أبحاث استراتيجية وتكوين نخب شابة قادرة على خوض معركة السيادة.
كما أوصى البيان الختامي بـ”إعداد ميثاق دولي للعدالة التاريخية” يعترف بجرائم الاستعمار كجرائم لا تسقط بالتقادم، وتقديمه للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي لاعتماده كمرجع قانوني. واقترحت التوصيات أيضًا إنشاء وحدة بحث وطنية لتوثيق الجرائم الاستعمارية، وتكييف التشريعات الوطنية مع المعاهدات الدولية لملاحقة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية.
ملتقى الجزائر الدولي دعا أيضًا إلى تجريم الإشادة بالاستعمار، وإدراج الجرائم البيئية، كالتفجيرات النووية، ضمن الأجندة المناخية العالمية، معتبرًا أن المسؤولية القانونية تشمل الدول والأفراد على حد سواء.
من جانبه، أكد وزير المجاهدين العيد ربيقة أن الجزائر، بقيادة الرئيس عبد المجيد تبون، تعتبر الذاكرة الوطنية ركيزة للسيادة والعدالة الإنسانية، مشيرًا إلى أن معركة الذاكرة تندرج ضمن معركة التحرر المستمر، خاصة في ظل محاولات تشويه التاريخ وطمس جرائم الاحتلال.
نُظّم الملتقى الدولي حول “جرائم الاستعمار في التاريخ الإنساني: من جراح الذاكرة الجماعية إلى استحقاق العدالة التاريخية” على مدار يومين، في 1 و2 جويلية 2025، بالعاصمة الجزائرية وقد تحوّلت أشغال الملتقى إلى فضاء غني للنقاش وتبادل الرؤى حول سبل استرجاع الحقوق التاريخية لشعوب عانت ويلات الاستعمار، من خلال مقترحات ملموسة شملت إنشاء صندوق دولي لتعويض الضحايا، وأكاديمية وطنية لترميم الذاكرة الجماعية، إلى جانب المطالبة بإدراج الجرائم الاستعمارية ضمن الأجندات القانونية والحقوقية العالمية.
للاشارة شارك في المناقشات الملتقى الدولي حول “جرائم الاستعمار في التاريخ الإنساني” المقام بالجزائر أكثر من خمسين أستاذًا وباحثًا من كبريات الجامعات الجزائرية ومن دول عربية وأوروبية، إلى جانب وفود من منظمات حقوقية دولية، مما منح الندوات وورشات العمل بُعدًا أكاديميًا وتفاعليًا لافتًا. وقد تحولت هذه الفضاءات إلى منصة ثرية لتبادل الخبرات وصياغة توصيات عملية، أبرزها الدعوة إلى إحداث صندوق دولي لتعويض ضحايا الاستعمار وإنشاء أكاديمية وطنية لترميم الذاكرة الجماعية، في خطوة ترمي إلى تحويل مسارات التوثيق والمرافعة التاريخية إلى أدوات مؤسساتية دائمة وفاعلة.
المصدر: وكالة الأنباء الجزائرية + الصحفي