ترامب بعد توقيع “قانون الإنفاق الكبير”…استقلال جديد لأمريكا

في خطاب ناري ألقاه اليوم الجمعة 4 جويلية 2025، بالتزامن مع احتفالات يوم الاستقلال الأمريكي، أعلن الرئيس دونالد ترامب عن توقيعه رسميًا على ما وصفه بـ”أعظم مشروع قانون اقتصادي في تاريخ الولايات المتحدة”، في إشارة إلى قانون الإنفاق الضخم المعروف باسم “One Big Beautiful Bill”.

القانون، الذي تم تمريره في مجلس النواب يوم الخميس 3 يوليو 2025 بأغلبية (218 مقابل 214)، بعد مصادقة مجلس الشيوخ عليه في 1 يوليو، يُعد أول إنجاز تشريعي كبير لترامب خلال ولايته الثانية، ويعيد إحياء سياساته الاقتصادية التي طُبّقت لأول مرة سنة 2017.

  1. وفي مؤتمر صحفي مقتضب أمام البيت الأبيض عقب التوقيع، قال ترامب:
  2. “لقد وقّعت اليوم على أعظم مشروع قانون اقتصادي في تاريخ أمريكا. هذا القانون هو وقود صاروخي لاقتصادنا.”
  3. وأشار ترامب إلى أن توقيع القانون في الرابع من يوليو لم يكن اعتباطيًا، بل يحمل بعدًا رمزيًا، مضيفًا:
  4. “إنه عيد استقلالنا، واليوم نحتفل أيضًا باستقلال اقتصادي جديد. استقلال عن البيروقراطية والضرائب التي كانت تخنق النمو.”

و في مشهد سياسي يعكس عمق الانقسام الحزبي في الولايات المتحدة، صادق الكونغرس الأمريكي نهائيًا، مساء أمس الخميس، على ما يُعرف بـ “قانون الإنفاق الكبير” (One Big Beautiful Bill)، في خطوة وُصفت بأنها أول انتصار تشريعي ضخم للرئيس دونالد ترامب خلال ولايته الثانية. وقد جرت مراسم توقيع القانون رسميًا يوم الجمعة، الرابع من يوليو، بالتزامن مع احتفالات عيد الاستقلال.

يتضمن قانون الإنفاق الكبير حزمة واسعة من الإجراءات الضريبية والمالية، أبرزها:

زيادة في الإنفاق الأمني والعسكري، خصوصًا على الهجرة، من خلال تمويل جديد لبناء الجدار الحدودي مع المكسيك وتوسيع عدد عناصر مراقبة الحدود.

تمديد واسع لتخفيضات الضرائب التي أُقرت عام 2017، والتي ستكلف الخزانة الأمريكية أكثر من (4.5 تريليون دولار) خلال عشر سنوات، وتشمل الأفراد والشركات الكبرى.
إعفاءات جديدة على الإكراميات ومداخيل العمل الإضافي، في خطوة اعتبرها البيت الأبيض دعمًا مباشرًا للطبقة العاملة.
خفض كبير في الإنفاق الاجتماعي، خاصة برامج الرعاية الصحية للفقراء (Medicaid) والدعم الغذائي (SNAP)، وهو ما دفع خبراء إلى التحذير من تأثيراته على ملايين الأمريكيين.

مرر مجلس النواب القانون بأغلبية ضئيلة (218 مقابل 214)، حيث صوّت لصالحه أغلب الجمهوريين، فيما رفضه جميع الديمقراطيين وبعض الجمهوريين المعتدلين. وقبلها، مرّ في مجلس الشيوخ بتصويت متقارب (51 مقابل 50)، ما استدعى تدخل نائب الرئيس جي دي فانس لحسم النتيجة.

يصف الجمهوريون القانون بأنه “داعم للنمو الاقتصادي”، بينما ترى المعارضة الديمقراطية أنه “هدية للأثرياء على حساب الفئات الضعيفة”. وقد صرّح زعيم الديمقراطيين في مجلس النواب حكيم جيفريز بأن “هذا التشريع يُقصي الأطفال والعائلات من برامج الحماية مقابل منح المليارديرات تخفيضات ضريبية جديدة”.

وفقًا لمكتب الميزانية في الكونغرس (CBO)، من المتوقع أن يزيد هذا القانون الدين العام الأمريكي بنحو (3.4 تريليون دولار) خلال العقد المقبل، ليتجاوز إجمالي الدين (36 تريليون دولار). وفي حين ترى الإدارة أن هذه السياسات ستعزز الاستهلاك والنمو، فإن اقتصاديين مستقلين حذروا من خطر ارتفاع أسعار الفائدة وتفاقم الفجوة الاجتماعية.

أما قطاع الطاقة، فقد خسر جزءًا كبيرًا من دعمه، بعد إلغاء الحوافز الضريبية للطاقة المتجددة، بما في ذلك السيارات الكهربائية ومشاريع الطاقة الشمسية، ما عُدّ تراجعًا عن التزامات إدارة بايدن السابقة في ملف المناخ.

هذا القانون لا يعكس مجرد توجه اقتصادي، بل هو بيان سياسي متكامل: عودة إلى “أمريكا ترامب”، حيث تُعطى الأولوية للحدود والجيش وخفض الضرائب، مقابل تقليص دور الدولة في تقديم الخدمات الاجتماعية. وبالنسبة للبيت الأبيض، فإن توقيع هذا القانون في يوم الاستقلال لم يكن صدفة، بل رسالة رمزية عن “استعادة أمريكا لسيادتها الاقتصادية” حسب تعبير الرئيس.

يمثل تمرير “قانون الإنفاق الكبير” لحظة فاصلة في السياسة الأمريكية. وبينما يرى فيه أنصار ترامب خطوة لاستعادة “الريادة الاقتصادية”، يعتبره خصومه خطوة رجعية تُعيد إنتاج عدم المساواة. وفي كل الأحوال، فإن تأثير هذا التشريع سيتجاوز حدود أمريكا ليطال الاقتصاد العالمي، عبر آثاره على الأسواق، والسياسات البيئية، وتوجهات السياسة الاقتصادية العالمية.

معسكر  “ماغا” MAGA يحتفل بقانون الإنفاق: “استعادة أمريكا

هذا و رحّب معسكر “ماغا”  “MAGA” بقيادة الرئيس دونالد ترامب بالمصادقة النهائية على ما يُعرف بـ “قانون الإنفاق الكبير” (One Big Beautiful Bill)، واعتبره انتصارًا استراتيجيًا يعيد تشكيل هوية الدولة الأمريكية. من وجهة نظر هذا التيار، يُمثّل القانون خطوة جريئة نحو استعادة “الحرية الاقتصادية” من قبضة السياسات الليبرالية، إذ يتضمن تخفيضات ضريبية واسعة على الشركات والأسر، إلى جانب تقليص ميزانيات برامج الدعم الاجتماعي، التي طالما اعتُبرت داخل هذا المعسكر أدوات لـ”شراء الولاء السياسي” من قبل النخب.

ويرى أنصار MAGA أن القانون يُجسّد مشروع “أمريكا أولاً”، سواء من خلال تعزيز ميزانية الدفاع وأمن الحدود، أو من خلال التخلص من القيود البيئية والمناخية التي فُرضت في السنوات السابقة. في خطابهم السياسي والإعلامي، وُصف القانون بأنه “تحوّل تاريخي يعيد توجيه بوصلة الدولة نحو المواطن الأمريكي العادي”، و”ضربة قاضية لما تبقى من نفوذ الدولة العميقة”. وقد تحوّل التشريع بالفعل إلى ركيزة خطابية رئيسية في حملة ترامب الانتخابية لعام 2025، حيث يُقدَّم كدليل على عودته السياسية وفعاليته التشريعية.

عروض نارية وقانون تاريخي: عيد استقلال بنكهة سياسية

و يعد عيد الاستقلال الأمريكي (Independence Day)، الموافق للرابع من جويلية ، مناسبة وطنية راسخة في الذاكرة السياسية للولايات المتحدة، حيث يُحيي الأميركيون ذكرى إعلان الاستقلال عن التاج البريطاني في عام 1776. ويُمثل هذا اليوم تتويجًا لحركة تحرر وطنية أرست أسس الجمهورية الأمريكية، ويُحتفى به سنويًا عبر عروض نارية، ومراسم رسمية، وفعاليات مجتمعية تجسد قيم “الحرية” و”الاستقلال” في الوعي الجمعي الأمريكي.

وقد تميزت احتفالات هذا العام 2025 بطابع استثنائي، إذ جاءت في أعقاب توقيع الرئيس دونالد ترامب على قانون “الإنفاق الكبير”، ما أضفى بعدًا سياسيًا إضافيًا على المناسبة. وشهدت مدن كبرى مثل واشنطن ونيويورك عروضًا ضخمة جمعت بين الموسيقى والعروض الجوية، فيما برزت فعاليات تاريخية في فيلادلفيا وأورلاندو، وأعيد التأكيد على رمزية المناسبة في ظل سياقات محلية مشحونة سياسيًا واقتصاديًا، ما جعل من هذه الذكرى منصة للتأكيد على وحدة الأمة في مواجهة التحولات الداخلية والخارجية.

قانون “الإنفاق الكبير” الأمريكي: ارتدادات اقتصادية على العالم

و بُعيد توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الجمعة 4 جو يلية 2025 على ما يُعرف بـ”قانون الإنفاق الكبير” (One Big Beautiful Bill)، بدأت الأوساط السياسية والاقتصادية العالمية في تحليل الارتدادات المحتملة لهذا القانون، الذي يُعدّ واحدًا من أكثر التشريعات تأثيرًا في السياسة المالية الأمريكية منذ عقود.

خصص القانون نحو 350 مليار دولار للإنفاق الأمني والعسكري، بما في ذلك تعزيز الحدود وتمويل برامج التسلح. هذه الإشارات العسكرية تعيد فتح باب سباق التسلح الإقليمي والدولي، لا سيما مع الصين وروسيا.

وفي الشرق الأوسط، قد تفسَّر الزيادة في الإنفاق الدفاعي الأمريكي كإشارة دعم لحلفاء واشنطن، مما يُعيد رسم الحسابات الاستراتيجية لدول المنطقة، ويغذي النزعات التسلحية في بيئة إقليمية متوترة أصلًا.

ورغم كونه إجراءً داخليًا في مضمونه، إلا أن الطابع الاقتصادي للولايات المتحدة كقوة عظمى يجعل لهذا القانون تداعيات واسعة على الأسواق العالمية، والتوازنات الجيوسياسية، وجهود مكافحة التغير المناخي.الصحفي – قسم الشؤون الدولية

ومن المرتقب أن يؤدي تقليص الإنفاق الداخلي على البرامج الاجتماعية إلى خفض مخصصات المساعدات الأمريكية الخارجية، بما فيها برامج الصحة والتعليم ومكافحة الفقر في دول الجنوب. هذا التراجع قد يؤثر سلبًا على مشاريع تنموية تعتمد جزئيًا على التمويل الأمريكي، ويفتح المجال أمام قوى أخرى، كالصين، لملء الفراغ.

Exit mobile version