BBC…بوق دعائي للحكومة “الإسرائيلية”

تواجه هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) واحدة من أعمق أزماتها الداخلية منذ عقود، وسط اتهامات من موظفيها، ومن شخصيات إعلامية وفنية بارزة، بالتحول ل “بوق دعائي للحكومة الإسرائيلية” في تغطية الحرب على غزة. هذه التطورات أعادت فتح النقاش حول استقلالية وسائل الإعلام الغربية، وقدرتها على مقاومة الضغوط السياسية في النزاعات المعقدة.

و في مطلع جويلية 2025، شهدت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) موجة غير مسبوقة من الانتقادات الداخلية، بعدما وجّه أكثر من 100 موظف، إلى جانب حوالي 230 شخصية إعلامية وفنية معروفة – من بينهم ميريام مارجوليز وألكسي سايلي – رسالة مفتوحة إلى المدير العام، تيم ديفي، اتهموا فيها الشبكة بالتحوّل إلى “بوق دعائي للحكومة الإسرائيلية” في تغطيتها للحرب على غزة. وجاء في الرسالة أن البي بي سي فشلت في تطبيق معاييرها التحريرية، خاصة من حيث تجنب إظهار إسرائيل كطرف مباشر في العناوين، وتجاهل السياق التاريخي للصراع، فضلاً عن غياب الأسئلة الجريئة والمحاسبة خلال مقابلات المسؤولين الإسرائيليين.

وأعرب الموقّعون عن قلقهم من انتشار “الرقابة الذاتية” داخل أقسام تحري هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، وهو ما انعكس – حسب تعبيرهم – على تآكل الثقة في المؤسسة من الداخل، ودفع ببعض الصحفيين إلى الاستقالة أو التعبير عن فقدانهم للإيمان بالرسالة التي من المفترض أن تمثلها البي بي سي. وأشارت الرسالة إلى أن جمهور الشبكة بات يبحث عن الحقيقة “في مكان آخر”، في إشارة إلى تنامي فجوة المصداقية بين الإعلام التقليدي والجمهور، خاصة في القضايا المتعلقة بفلسطين.

الرسالة، التي حظيت بتغطية واسعة من وسائل إعلام بريطانية ودولية، أشارت إلى تكرار حالات التضليل أو التعتيم في نشر الأخبار المتعلقة بفلسطين، ورفض الإذاعة البريطانية (BBC) إظهار إسرائيل كفاعل رئيس في العناوين الإخبارية، رغم طبيعة العمليات العسكرية القائمة. كما اتهم الموظفون إدارتهم بممارسة رقابة ذاتية خانقة، وخلق مناخ داخل المؤسسة يجعل الصحفيين غير قادرين على أداء مهامهم بمهنية وحرية.

في موازاة ذلك، تفجّرت أزمة أخرى حين قرّرت BBC سحب عرض وثائقي “Gaza: Doctors Under Attack”، الذي يعرض معاناة الطواقم الطبية الفلسطينية خلال العدوان. المنتج التنفيذي للفيلم، بن دي بير، اتّهم المؤسسة بمحاولة إسكاته تعاقديًا بعد سحب الوثائقي، ملوّحًا بتدخلات سياسية محتملة من داخل مجلس إدارة BBC نفسه.

وفي حالة مشابهة، قرّرت الهيئة أيضًا سحب وثائقي آخر بعنوان “Gaza: How to Survive a Warzone”، بعدما كشفت تقارير صحفية أن الراوي الطفل هو نجل أحد مسؤولي حركة حماس. هذا الانكشاف فجّر موجة من الانتقادات، دفعت BBC لإعادة تقييم سياستها التحريرية، خصوصًا في ظل تساؤلات حول دقة مراجعة المحتوى والتدقيق في مصادر التمويل والتعاون.

الاحتجاجات لم تقتصر على الداخل فقط، بل خرجت إلى العلن بمطالب واضحة، منها إقالة عضو مجلس الإدارة “روبي غيب”، المقرب من الحكومة البريطانية، والذي يُتهم بممارسة تأثير غير مشروع على سياسات التحرير، خاصة فيما يتعلق بتغطية القضية الفلسطينية.

وأمام هذا التصاعد، باتت BBC في مواجهة اختبار صعب: هل ستتمكن من استعادة ثقة جمهورها وموظفيها؟ أم أن الضغوط السياسية و”الرقابة الناعمة” ستقوّض ما تبقى من سمعتها كمؤسسة إعلامية مستقلة؟

المصدر: وسائل اعلام بريطانية

Exit mobile version