قبل 53 عامًا، فقدت فلسطين واحدًا من أبرز أصواتها الثقافية والسياسية، حين اغتالت المخابرات العبرية (الموساد) الكاتب والمناضل غسان كنفاني يوم السبت 8 جويلية 1972 في بيروت، عبر تفجير سيارته بعبوة ناسفة، في عملية استهدفته هو وابنة شقيقته، لميس حسين نجار، التي لم تتجاوز 17 عامًا.
جاء اغتيال كنفاني كجزء من سياسة ممنهجة اعتمدتها كيان الاحتلال لتصفية الشخصيات التي تشكل خطرًا على سرديتها، ليس بالسلاح فقط، بل بالكلمة أيضًا. فقد كان كنفاني من أوائل من جعلوا من الأدب أداة مقاومة، ومن الحبر سلاحًا في وجه المحو والاقتلاع.
من خلال روايات مثل رجال في الشمس، عائد إلى حيفا، وما تبقى لكم، لم يكتف كنفاني بتوثيق النكبة وآثارها، بل أعاد صياغة الوعي الفلسطيني وحرّك المياه الراكدة في الضمير العربي، مجسدًا المأساة الفلسطينية بصوت الإنسان العادي الذي صار رمزًا.
إلى جانب عمله ككاتب، كان كنفاني عضوًا بارزًا في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ومسؤولًا عن إعلامها، وهو ما جعله هدفًا مزدوجًا: كاتبًا مزعجًا، ومناضلًا فاعلًا.
اليوم، وبعد أكثر من خمسة عقود على استشهاده، لا تزال كلمات غسان كنفاني تنبض بالحياة، تتردد في الجامعات والمخيمات، وتلهم الأجيال الجديدة من المثقفين والمناضلين، لتؤكد أن الكلمة الصادقة لا تموت، وإن اغتالوا صاحبها.