أُودع الصحفي “الإسرائيلي” المعروف “إسرائيل فري” (Israel Frey) السجن يوم 9 جويلية 2025، بعد أن قررت السلطات العبرية توجيه تهمة ما اسمتها “التحريض على الإرهاب” ضده على خلفية تغريدة نشرها تعليقًا على مقتل خمسة جنود “إسرائيليين” في غزة، اعتبر فيها أن “العالم بات مكانًا أفضل بدونهم”. ورغم أن فري أُخضع سابقًا لتحقيقات مشابهة، إلا أن هذا الاعتقال يُعدّ الأول من نوعه منذ اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر 2023، ويبدو أنه يرتبط بأكثر من مجرد تغريدة.
و كان “إسرائيل فري” قد كشف في مقطع مصوّر، نُشر مؤخرًا عبر حسابه على إنستاغرام، أن قصة “الأطفال الرضّع المحروقة/المقطوعة رؤوسهم” – التي روج لها ضابط إسرائيلي يُدعى غولان فاتش – كانت مجرد خدعة و”أسوأ القصص الملفقة في 7 أكتوبر”.
إسرائيل فري، المعروف بمواقفه المناهضة للاحتلال، كان من أوائل الأصوات داخل الكيان العبري التي فنّدت كذبة “حرق أو قطع رؤوس أطفال رضّع” خلال عملية حماس في 7 أكتوبر 2023. الرواية التي جرى الترويج لها بشكل واسع من قبل وسائل إعلام “إسرائيلية” ومسؤولين رسميين، استُخدمت لتبرير تصعيد الحرب ضد غزة وتغذية مشاعر الانتقام. وقد وصف فري هذه المزاعم بـ”أسوأ القصص الملفقة”، مؤكدًا أنها “وسيلة لتبرير الإبادة الجماعية ونزع الإنسانية عن الفلسطينيين”.
في الفيديو، قال فري:
“قصص الرعب التي تم نشرها وترويجها حول العالم حققت هدفها: إثارة الغضب، وتجريد الطرف الآخر من الإنسانية، وخلق رغبة في الانتقام، التي أصبحت بمثابة مبرر للاحتلال وقتل الأبرياء… هذه هي الطريقة التي تم بها تبرير الإبادة الجماعية.”
تصريحات فري، التي استندت إلى غياب أي أدلة ميدانية أو صور تؤكد تلك الرواية، أثارت استياءًا في الأوساط اليمينية والدينية داخل كيان الاحتلال، ودفعته إلى العزلة بعد تعرض منزله لهجوم متطرفين في أكتوبر الماضي.
و ترى منظمات حقوقية وصحفية، مثل لجنة حماية الصحفيين (CPJ)، أن ما حدث هو محاولة لتكميم صوت ناقد كشف تناقض الرواية الرسمية، وأن الأمر يتجاوز تغريدة فردية إلى محاولة لتصفية حسابات مع صحفي بات مصدر إزعاج لصناع القرار.
صانع كذبة “حرق وقطع رؤوس أطفال رضّع”: غولان فاش تحت المجهر
برز اسم الضابط في جيش الاحتلال “الإسرائيلي” غولان فاش في الإعلام الدولي خلال السنوات الأخيرة بوصفه أحد أبرز قادة وحدات البحث والإنقاذ التابعة لما يسمى “قيادة الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي”. غير أن سمعته الإنسانية سرعان ما دخلت دائرة الجدل، بعد أن ارتبط اسمه بترويج واحدة من أكثر الروايات إثارة للصدمة خلال حرب غزة في أكتوبر 2023: “حرق وقطع رؤوس أطفال رضّع”.
في أعقاب هجوم “الطوفان المقدس” الذي شنته حركة حماس في 7 أكتوبر، ظهر غولان فاش في تقارير إعلامية ومقابلات صحفية مدّعيًا أن ما رآه في كيبوتس “بيري” من مشاهد “مرعبة” شمل أجساد أطفال محترقة ومقطعة. ورغم أن هذه الرواية تم نقلها على نطاق واسع في وسائل الإعلام “الإسرائيلية” والدولية، فإنها لم تستند إلى أي دليل ميداني موثق، ولم تُدعّم بأي صور أو تقارير طبية مستقلة.
لاحقًا، وصف صحفيون مستقلون ومنصات تحقيق دولية، هذه الرواية بأنها “أكذوبة ممنهجة”، الهدف منها خلق صدمة إعلامية تمهّد لتبرير الحرب، وتُسهم في نزع الإنسانية عن المدنيين الفلسطينيين.
ومع أن غولان فاش يُعرف بمشاركته في عمليات إنقاذ في هاييتي وتركيا وفلوريدا، فإن دوره في هذه الحرب لم يكن إنسانيًا بقدر ما كان جزءًا من آلة دعائية، بحسب وصف عدد من المحللين الحقوقيين. وبين بريق الميداليات وصخب الأكاذيب، يقف فاش في مفترق طرق بين بطولته المهنية وسقوطه الأخلاقي.