تحوّل ما يُعرف بـ”أسطول الظل” الروسي «Shadow Fleet» أو «Dark Fleet»، إلى أحد أبرز أدوات موسكو في الالتفاف على العقوبات الغربية المفروضة على صادراتها النفطية منذ بداية الحرب في أوكرانيا عام 2022. ويتكوّن هذا الأسطول، الذي يُقدر عدده بما بين 600 و1000 ناقلة، من سفن قديمة ومملوكة عبر هياكل قانونية معقدة، تُدار غالبًا من خلال شركات وهمية مسجّلة في دول مثل الإمارات وجزر مارشال، ما يجعل تتبعها أمرًا بالغ الصعوبة.
وبحسب تقرير صادر عن RAND Corporation في جانفي 2025، فإن أكثر من 70٪ من صادرات النفط الروسية البحرية تمر عبر هذا الأسطول، الذي لا يتقيّد بسقف الأسعار الذي فرضه الاتحاد الأوروبي ودول مجموعة السبع على النفط الروسي المنقول بحرًا. وتستخدم هذه السفن تقنيات متطورة لإخفاء وجهتها ومصدر شحنتها، من بينها إطفاء أنظمة التتبع الآلي (AIS)، أو نقل الحمولة في عرض البحر من سفينة إلى أخرى، في ما يُعرف بعمليات “STS” (Ship-to-Ship Transfer).
في هذا السياق، أشارت صحيفة The Christian Science Monitor في تقرير بتاريخ 12 فيفري 2025 إلى أن أسطول الظل أتاح لروسيا الاستمرار في تصدير نحو 4.1 مليون برميل نفط يوميًا، مما يوفر لموسكو موارد مالية تُقدّر بـ8 إلى 10 مليارات دولار سنويًا، بعيدًا عن أعين العقوبات الغربية.
وقد أثار هذا الملف اهتمامًا سياسيًا متزايدًا داخل الاتحاد الأوروبي. ففي جانفي 2025، استضافت بولندا قمة أوروبية في وارسو لبحث سبل التصدي لهذه الشبكة، بمشاركة خبراء في الملاحة والتجارة الدولية. وتبع ذلك إدراج 105 سفن إضافية على القائمة السوداء ضمن الحزمة الـ18 من العقوبات الأوروبية ضد روسيا، التي صادق عليها الاتحاد في 18 جويلية 2025، كما أوردت وكالة رويترز.
الأسطول، الذي وصفه موقع Geopolitical Monitor في تقرير بتاريخ 20 ماي 2025 بأنه “شبكة بحرية رمادية”، يضع أوروبا أمام معضلة: كيف تحاصر موسكو اقتصاديًا دون التسبب في انهيار سلاسل إمداد الطاقة أو تصعيد المواجهة البحرية؟.