تعود فعاليات مهرجان “إيمدغاسن” السينمائي الدولي بولاية باتنة بالجزائر في طبعته الخامسة، المقررة من 10 إلى 16 سبتمبر المقبل، تحت شعار “مهرجان إيمدغاسن… حيث تحتفي السينما بالتاريخ”، في تظاهرة تعانق الفن السابع بتاريخ الثورة الجزائرية، وتكرّم رموز السينما الوطنية.
ويخصص مهرجان “إيمدغاسن” هذه الدورة للاحتفاء بالفيلم الثوري الجزائري الخالد “ريح الأوراس، الذي أنتج سنة 1966 للمخرج الراحل محمد لخضر حمينة، بحسب المنظمين، تُعد هذه الالتفاتة، بمثابة “تحية لذاكرة السينما الجزائرية” و”إهداء لروح حمينة.
وفي إطار مسابقة الأفلام الروائية القصيرة، يقدّم مهرجان “إيمدغاسن” مجموعة مختارة من الأعمال من داخل الجزائر وخارجها، منها:
- The Night of Abed _ للمخرج “أنيس جعاد” من الجزائر
- La Fille de mon Quartier _ للمخرج “عمار سي فوضيل” من الجزائر
- The Surrogate Girl للمخرج “أونير جولير” من تركيا
- The Deer’s Tooth _ للمخرج “سيف هماش” من فلسطين
- Visit _ للمخرج “بولينا زاجاك” من بولندا
- Alone Together _ للمخرج “أوميد ميرزاي” من إيران
- Punter _ للمخرج “جاسون آدم ماسيل” من أمريكا/جنوب إفريقيا
- Fiabexit _ للمخرج “جيليانو جياكوميلي ولورينزو جيوفينكا” من إيطاليا
إضافة إلى العروض السينمائية، تفتح محافظة المهرجان المجال أمام الطلبة ومحبي السينما للاستفادة من ورشات تكوينية متخصصة في مهن السينما، على مدار أيام المهرجان، حيث يتم انتقاء المشاركين حسب معايير محددة تتماشى مع طبيعة كل ورشة.
للإشارة يخصّص المهرجان هذه الدورة للاحتفاء بالفيلم الثوري الجزائري الخالد “ريح الأوراس” للمخرج الراحل محمد لخضر حمينة، الذي يُعد علامة فارقة في تاريخ السينما الجزائرية، كونه أول فيلم جزائري يتحصل على جائزة دولية، حيث توّج بجائزة “أفضل عمل أول” في مهرجان كان سنة 1967. ويروي الفيلم، الذي ظل عالقًا في ذاكرة الأجيال، قصة أم جزائرية تكافح وسط لهيب المعارك والمداهمات الفرنسية بحثًا عن ابنها المعتقل، مجسدًا ببراعة معاناة الجزائريين خلال الثورة التحريرية. حيث يُكرّم المهرجان من خلال هذا العمل الرائد روح المخرج الكبير حمينة، ويستذكر أيضًا الفنانة الراحلة عائشة عجوري، التي أدّت أحد أبرز أدوارها في هذا الشريط السينمائي الخالد، ليبقى “ريح الأوراس” نموذجًا لسينما ملتزمة حملت قضايا الوطن إلى المنصات العالمية.
وتعدّ عائشة عجوري (2010_1916) المعروفة فنيًا باسم كلتوم، ممثلة جزائرية برزت في بدايات السينما الجزائرية بعد الاستقلال، واشتهرت بدورها المؤثر في فيلم “ريح الأوراس” للمخرج محمد لخضر حمينة، حيث أدّت دور الأم الجزائرية التي تبحث عن ابنها المعتقل من طرف القوات الاستعمارية الفرنسية.
أداء كلثوم في الفيلم ترك أثرًا بالغًا في ذاكرة السينما الجزائرية والعربية، إذ عبّرت بصدق وعفوية عن معاناة الأمهات الجزائريات في فترة الاستعمار، وقد ساهم هذا الدور في منح الفيلم بعدًا إنسانيًا عميقًا، وساعده على التتويج بجائزة دولية في مهرجان كان.
ورغم أن أعمالها قليلة نسبيًا، فإن كلتوم تعتبر من الوجوه المؤسسة للسينما الجزائرية، وارتبط اسمها بأدوار الأم المناضلة والمكافحة، وقد تحوّلت شخصيتها في “ريح الأوراس” إلى أيقونة فنية تعبّر عن صمود المرأة الجزائرية.
للتذكير يُعد موقع إيمدغاسن من أقدم المعالم الجنائزية في شمال إفريقيا، ويقع بين ولايتي باتنة وخنشلة شرق الجزائر، و يعود بناؤه إلى القرن الثالث قبل الميلاد، حيث شُيّد على طراز معماري دائري تعلوه قبة مخروطية، و يُعتقد أنه ضريح ملك نوميدي، ويجسد رمزًا للهوية والتاريخ العريق لمنطقة الأوراس، ما يجعل استلهام اسمه في هذا المهرجان السينمائي امتدادًا لجذور فنية ضاربة في عمق الذاكرة الجزائرية.