لمواجهة التحديات العالمية…سنغافورة تراجع استراتيجيتها الاقتصادية

أطلقت سنغافورة في الرابع من أوت 2025 مراجعة استراتيجية شاملة لاقتصادها الوطني،  المبادرة التي أُعلن عنها رسميًا تحت اسم “مراجعة الاستراتيجية الاقتصادية” (Economic Strategy Review)، تأتي بإشراف نائب رئيس الوزراء وزير التجارة والصناعة، غان كيم يونغ، وتشكل امتدادًا لنهج استباقي تتبعه الدولة للحفاظ على مكانتها كمركز تجاري ومالي عالمي.

تهدف هذه المراجعة إلى إعادة تقييم محركات النمو الاقتصادي وتعزيز قدرة البلاد على التكيف مع التحولات الكبرى، خصوصًا في ضوء الضغوط الناتجة عن التعريفات الجمركية الجديدة من طرف الولايات المتحدة، إلى جانب تسارع وتيرة التطور في تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي وسلاسل الإمداد الذكية.

وقد تم تشكيل خمس لجان عمل متخصصة لتوجيه هذه المراجعة، تغطي المجالات التالية: 1) تعزيز التنافسية الاقتصادية، 2) تسريع اعتماد التكنولوجيا والابتكار، 3) دعم ريادة الأعمال، 4) تطوير رأس المال البشري والمهارات، 5) إدارة التحول الاقتصادي وإعادة تأهيل العمالة المتأثرة. وتضم هذه اللجان عشرة رؤساء، من بينهم شخصيات سياسية واقتصادية جديدة، إضافة إلى خبراء من القطاعين العام والخاص.

من المنتظر أن تقدم هذه اللجان تقريرًا أوليًا خلال الربع الأول من عام 2026، يتبعه تقرير نهائي في منتصف العام نفسه، ليكون بمثابة خارطة طريق جديدة للاقتصاد السنغافوري على المدى الطويل. كما ستُجرى استشارات مجتمعية واسعة النطاق تشمل ممثلين عن الأعمال والنقابات والهيئات المدنية، بهدف ضمان شمولية التوصيات وقابليتها للتطبيق.

في السياق ذاته، أكد المسؤولون أن هذه المراجعة لا تمثل قطيعة مع الاستراتيجيات السابقة، بل تطويرًا وتكييفًا لها مع المعطيات الراهنة. ويأتي ذلك في وقت تشير فيه التوقعات إلى تباطؤ نسبي في النمو السنغافوري خلال 2025، حيث قد يتراوح بين 0 و2%، وسط مخاوف من تأثيرات التعريفات الجمركية على بعض الصادرات الحيوية.

تراهن سنغافورة من خلال هذه المراجعة على بناء نموذج اقتصادي مرن، قادر على مواجهة الاضطرابات المستقبلية، وتعزيز الإنتاجية، وتحقيق نمو مستدام قائم على المعرفة والمهارات.

وتُعد هذه الخطوة امتدادًا لتقليد سنغافوري راسخ في مراجعة السياسات الاقتصادية بشكل دوري، كما حدث سابقًا في مراجعات 2009 و2010، وهو ما مكّن البلاد من اجتياز أزمات مالية سابقة بثقة واستقرار.

هذا و يشهد الاقتصاد السنغافوري حالة من النمو الحذر خلال عام 2025، حيث سجّل نموًا بنسبة 4.3٪ في الربع الثاني من العام، مدفوعًا بزيادة الطلبات التجارية قبيل تنفيذ رسوم جمركية أمريكية مرتقبة. وعلى الرغم من هذا الأداء القوي مؤقتًا، حذّرت الحكومة من تباطؤ محتمل في النصف الثاني من العام نتيجة تراجع الطلب الخارجي، واضطرابات سلاسل التوريد، والتوترات الجيوسياسية. بناءً عليه، خفّضت وزارة التجارة والصناعة توقعاتها السنوية للنمو إلى ما بين 0 و2٪، في مؤشر واضح على حرصها على الواقعية في ظل بيئة اقتصادية عالمية متقلبة.

المصدر: رويترز+ وسائل اعلام

Exit mobile version