الذكرى 17 لرحيل محمود درويش.. المفكر المقاوم وصوت فلسطين الخالد

تمر الذكرى السابعة عشرة لرحيل محمود درويش، وكأن صوته لم يغب يومًا. من كل يوم يشتد فيه وجع فلسطين، تعود قصائده لتصبح نشيدًا في الميادين وصلاة في قلوب المنفيين. ومن كل صباح يطل فيه الاحتلال بوجهه القاسي، تطل كلماته لتقول إن على هذه الأرض ما يستحق الحياة. رحل الشاعر في التاسع من أوت 2008، لكن حضوره في الوجدان العربي باقٍ، يربط بين الحلم والحق، ويذكّر بأن الكلمة حين تصدق تتحول إلى وطن لا يمكن احتلاله.

في التاسع من أوت 2008، فقد العالم العربي أحد أعمدة الشعر الحديث برحيل محمود درويش، الذي استحق لقب “المقاوم بالكلمات”، بعد أن جعل من قصائده سلاحًا ومن حروفه خندقًا في وجه الاحتلال. وُلد عام 1941 في قرية البروة بالجليل، وحمل فلسطين في قلبه حتى آخر يوم في حياته.

و أصدر محمود درويش، أكثر من ثلاثين ديوانًا شعريًا ونثريًا، من أبرزها “عاشق من فلسطين”، “مديح الظل العالي”، “لماذا تركت الحصان وحيدًا”، “الجدارية”، “سرير الغريبة”، و*”لا تعتذر عما فعلت”*. في كل نص، كان يبتكر لغة تمزج بين الحنين والرفض، بين الأرض والسماء، بين الألم والأمل.

كان حب فلسطين عنده عشقًا أبديًا يتجاوز الانتماء السياسي إلى التماهي الوجودي، فجعل من قريته المدمرة رمزًا للذاكرة، ومن الأرض المحتلة مرآةً للحلم بالحرية. لم يفصل بين ذاته ووطنه، فحياته كانت استمرارًا لقصيدته، وقصيدته كانت فلسطين نفسها.

لم يكن درويش شاعر المقاومة فحسب، بل كان شاعر الإنسان في ضعفه وقوته، في حبّه وحزنه، وصوتًا ضد النسيان. واليوم، مع اشتداد مأساة غزة وتجدد جراح فلسطين، تعود كلماته لتقاوم معنا: “على هذه الأرض ما يستحق الحياة”.

رحل درويش يحمل هم فلسطين، رحل وبقيت تعاني. ترك وراءه إرثًا شعريًا يصرخ بالحق، لكن الجرح ما زال ينزف، والاحتلال ما زال يفرض ظله الثقيل، لتبقى قصائده بمثابة تعويذة للأمل وسط الألم، رحل الجسد، لكن المقاومة التي حملها في قصائده ما زالت حيّة، تذكّر بأن الكلمة قد تكون أشد مضاءً من السيف، وأن الشعر حين يكون صادقًا، يصبح وطنًا لا يمكن احتلاله.

Exit mobile version