تحث عنوان “التحول الأخضر الأوروبي بحلول 2030: الجزائر في مواجهة الفخ الطاقوي الأمريكي” و في مقال نشر على موقع “الجيري باتريوتيك” تناول بن يوسف بدواني “Benyoucef Bedouani” التحركات الاستراتيجية للشركات الأمريكية الكبرى، مثل Chevron وExxonMobil، على الاحتياطيات الغازية الجزائرية، بما يشمل الغاز الصخري والموارد البحرية. وأوضح أن هذه التحركات، التي تبدو متناقضة مع التوجه الأوروبي نحو الاقتصاد الأخضر، تندرج ضمن استراتيجية جيواقتصادية تهدف إلى تقليص نفوذ روسيا كمورد للغاز في أوروبا وربط الجزائر أكثر بالهيكلية الطاقوية عبر الأطلسي، مع التأكيد على أن الجزائر تواجه تحديًا حاسمًا يتمثل في تحويل هذه الاستثمارات إلى أدوات لتنمية سيادتها الطاقوية أو المخاطرة بتنازل جزئي عن استقلالها الاستراتيجي عبر شروط تعاقدية غير متكافئة.
و اشار المقال ان المعطيات توضح أن الاتحاد الأوروبي يسعى لتقليص استهلاكه من الغاز بنسبة 35% بحلول 2030 و90% بحلول 2045 وفق Green Deal الأوروبي وخطة REPowerEU. غير أن الواقع يشير إلى استمرار اعتماد أوروبا على الغاز حتى منتصف الثلاثينيات، نتيجة تأخر الطاقة النووية، محدودية التكنولوجيا في الهيدروجين الأخضر، ونقص الربط الكهربائي بين الشبكات. في هذه الفترة، تستغل الولايات المتحدة الوقت لدفع شركاتها الكبرى نحو الجزائر، مستهدفة تعزيز دورها في محور الطاقة المتوسطي وتقليص الاعتماد الأوروبي على الغاز الروسي.
إلا أن هذا التوسع يثير تحديات محلية جوهرية. فاستغلال الغاز الصخري يثير مخاوف بيئية واجتماعية، كما أبرزت احتجاجات إن صالح في 2015 التي نددت بتلوث المياه الجوفية والأضرار البيئية. هذه المقاومة الشعبية تؤكد أن أي سياسة طاقوية لا تراعي مطالب المواطنين قد تضعف شرعية الدولة الوطنية.
و أعتبر كاتب المقال أنه من الناحية الجيوسياسية، تضع الجزائر على الخريطة خطوط تصدير استراتيجية تشمل TransMed نحو إيطاليا، وMedgaz نحو إسبانيا، وGME، مما يجعلها لاعبًا محوريًا في إمدادات الطاقة لأوروبا الجنوبية. تسعى واشنطن من خلال الشراكات مع Chevron وExxonMobil إلى تثبيت النفوذ الأمريكي في المتوسط، واحتواء أي محاولات لتعاون طاقوي بديل قد تقوده دول BRICS أو OPEP+، بما يجعل الخيارات الجزائرية مرتبطة بالتوازنات الاستراتيجية للاتحاد الأوروبي والناتو.
زقال الكاتاب أن دخول الشركات الأمريكية قد يقترن بشروط تعاقدية تحد من السيادة الوطنية، مثل Priority Export Rights وTake-or-Pay Provisions التي تفرض أولوية الالتزامات الخارجية، أو Stabilization Clauses التي تثبت الضرائب واللوائح البيئية، بالإضافة إلى التحكيم الدولي والسرية التعاقدية التي قد تقلص الرقابة المحلية. دون مراجعة هذه الشروط، قد تتحول سوناطراك إلى مجرد منفذ تقني، بينما الاستثمار الأجنبي يهيمن على الإيرادات والمعرفة.
مشيرا, انه في الداخل، تبقى الجزائر معرضة لتقلبات الأسعار، العجز المالي، والجفاف، إضافة إلى الضغوط الاجتماعية. لذلك، أي شراكة يجب أن تحقق مكاسب ملموسة للاقتصاد الوطني، بما يشمل توظيفات محلية، نقل التكنولوجيا، وتطوير مهارات وكفاءات وطنية.
و اشار المقال أن الجزائر تتوفر على فرص بديلة، تشمل مشاريع الطاقة الشمسية بقدرة 1000 ميغاواط مع Shaems، وتطوير خطوط هيدروجين أخضر مع ENI وH2Global، بالإضافة إلى الربط الكهربائي تحت البحر مع إسبانيا (MEDREG). هذه المبادرات تمنح الجزائر هامش تفاوضي، شرط اعتماد استراتيجية صريحة للسيادة الطاقوية تشمل مقابل صناعي، تدريب وابتكار وامتثال بيئي صارم.
الخلاصة: التحدي ليس اختيار الشريك الأجنبي بقدر ما هو وضع إطار شراكات يحمي السيادة الوطنية ويضمن مكاسب استراتيجية واقتصادية مستدامة. الاستثمار الأجنبي يمكن أن يكون مفيدًا إذا التزم بالحوكمة الشفافة، وشارك المجتمع المدني والمؤسسات الرقابية، بما يعزز الجزائر كقوة طاقوية مستقلة في المتوسط، ويحفظ كرامتها الوطنية واستقلالها الاستراتيجي.



















