يشهد المشهد المالي العالمي تحوّلًا لافتًا في توجهات البنوك المركزية، حيث ارتفع الطلب على الذهب ليبلغ حجمه في الاحتياطات الرسمية نحو (4.5 تريليون دولار)، متفوقًا على السندات الأميركية التي انخفضت حصتها إلى (23%) فقط من الأصول. هذا التحول يعكس تزايد القلق من استمرار التضخم عالميًا، وتراجع الثقة في أدوات الدين التقليدية، خاصة في ظل الضغوط التي تواجهها المالية الأميركية.
يُفهم من هذا التغير أن الذهب أصبح يُنظر إليه أكثر من أي وقت مضى كملاذ آمن يحافظ على القيمة في مواجهة اضطرابات الأسواق وتقلبات السياسات النقدية. ومع تنامي التوترات الجيوسياسية وارتفاع مستويات الدين العام في كبرى الاقتصادات، تسعى البنوك المركزية إلى تنويع محافظها والابتعاد تدريجيًا عن الاعتماد المفرط على الدولار الأميركي.
هذا التوجه لا يقتصر على الاقتصادات الكبرى فحسب، بل يمتد ليشمل دولًا ناشئة تسعى لتعزيز استقلاليتها المالية وتقليص هشاشتها أمام صدمات الأسواق. ففي حين تمثل السندات الأميركية أداة استثمارية ذات سيولة عالية، إلا أن الضغوط التضخمية وارتفاع أسعار الفائدة جعلا الذهب خيارًا أكثر استقرارًا على المدى الطويل.
التحول الاستراتيجي نحو المعدن النفيس يطرح تساؤلات حول مستقبل هيمنة الدولار في النظام المالي العالمي، خصوصًا إذا واصلت البنوك المركزية تقليص اعتمادها على الأصول الأميركية. وإذا استمر هذا الاتجاه، فقد نشهد إعادة تشكيل لموازين القوة المالية العالمية، مع بروز الذهب كأداة موازنة رئيسية إلى جانب العملات الصعبة.
المصدر: رويترز


















