أعلن وزير المالية الكوري الجنوبي، كوه يون-تشول، أن بلاده ستطرح في أكتوبر المقبل استراتيجيات اقتصادية خارجية شاملة للتكيف مع التغيرات الجوهرية التي يشهدها النظام التجاري العالمي. وأوضح الوزير أن هذه الخطوة تأتي في ظل ضغوط متصاعدة ناتجة عن سياسات الرسوم الجمركية الأمريكية وتنامي المنافسة التجارية بين القوى الاقتصادية الكبرى، وفي مقدمتها الصين واليابان.
وأشار الوزير إلى أن سيول تتابع عن كثب تجربة اليابان في توقيع اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة، حيث استفادت طوكيو من تخفيض الرسوم الجمركية على صادرات السيارات من 25% إلى 15%، ما منحها ميزة تنافسية واضحة. وأكد أن بلاده ستستفيد من هذه التجربة في صياغة اتفاق مشابه مع واشنطن، لضمان حماية صناعاتها الحيوية وفي مقدمتها صناعة السيارات، التي تعد إحدى ركائز الاقتصاد الكوري.
ولفت الوزير إلى أن كوريا الجنوبية عرضت حزمة استثمارية ضخمة في إطار مشروع “Make America Great Again – MAGA” بقيمة تقدر بـ 150 مليار دولار. يهدف المشروع إلى دعم بناء أحواض ومصانع للسفن داخل الولايات المتحدة، بما يسهم في تعزيز الصناعات الدفاعية الأمريكية وخلق آلاف الوظائف. ويُنظر إلى هذه المبادرة كجزء من استراتيجية كوريا لكسب الدعم الأمريكي وتخفيف الضغوط الجمركية على صادراتها.
إلى جانب القضايا الجمركية، أكد الوزير أن الاستراتيجية المرتقبة ستشمل محاور أوسع تتعلق بـ تأمين سلاسل التوريد، وزيادة التعاون مع الاقتصادات الناشئة، وتوسيع الشراكات الاستثمارية في قطاعات التكنولوجيا المتقدمة. وأوضح أن هذه التوجهات ضرورية لمواجهة “التحولات البنيوية” في الاقتصاد العالمي، خاصة مع تزايد النزعات الحمائية وتراجع فاعلية المؤسسات التجارية متعددة الأطراف.
بموازاة ذلك، كشفت الحكومة عن حزمة إصلاحات اقتصادية داخلية تتضمن 30 مشروعًا رئيسيًا في مجال الذكاء الاصطناعي، تهدف إلى رفع معدل النمو الاقتصادي الكوري من 2% إلى نحو 3% في السنوات المقبلة. وترى سيول أن الاستثمار في التقنيات المستقبلية مثل الذكاء الاصطناعي والطاقة النظيفة يمثل عنصرًا أساسيًا لتعزيز قدرتها التنافسية عالميًا.
تسعى كوريا الجنوبية من خلال هذه الخطط إلى بناء مظلة اقتصادية تحميها من صدمات التجارة العالمية، وفي الوقت نفسه تعزيز مكانتها كشريك صناعي وتكنولوجي رئيسي للولايات المتحدة. ومن المنتظر أن يشكل أكتوبر المقبل محطة مفصلية في رسم ملامح السياسة الاقتصادية الخارجية لسيول، وسط مشهد دولي يتسم باضطراب عميق وتغيرات سريعة في موازين القوة التجارية.
