أدى الاقتصادي الأمريكي ستيفن إيرا ميران اليمين الدستورية أمس الثلاثاء 16 سبتمبر 2025 ليصبح عضواً في مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي، وذلك قبل ساعات من مشاركته الأولى في اجتماع لجنة السوق المفتوحة (FOMC)، حيث تُتخذ أهم القرارات النقدية المتعلقة بأسعار الفائدة والسياسة المالية في الولايات المتحدة.
ميران حاصل على دكتوراه في الاقتصاد من جامعة هارفارد، وسبق أن عمل في الأسواق المالية كخبير استراتيجي اقتصادي لدى مؤسسات استثمارية كبرى مثل Hudson Bay Capital. كما ارتبط اسمه بالعمل الفكري من خلال أبحاثه في معهد مانهاتن، وهو مركز أبحاث محافظ. لكن أبرز محطة في مساره كانت توليه منصب مستشار اقتصادي في إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، حيث شغل موقعاً مؤثراً في رسم السياسات الاقتصادية.
رغم كفاءته الأكاديمية وخبرته العملية، أثار تعيين ميران جدلاً واسعاً في الأوساط الاقتصادية والسياسية. فقد تم تمرير ترشيحه في مجلس الشيوخ بفارق صوت واحد (48 مقابل 47)، وهو ما يعكس الانقسام الحاد حول شخصه ودلالات اختياره.
الإشكالية الأساسية تكمن في أن ميران سيأخذ إجازة غير مدفوعة الأجر من منصبه الحالي كرئيس لمجلس المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض، ما يعني أنه يبقى عملياً مرتبطاً بالإدارة التنفيذية حتى وهو يشغل منصباً يفترض أن يكون مستقلاً تماماً.
هل يمكن للاحتياطي الفيدرالي، الذي يُعتبر الركيزة الأهم في استقرار النظام المالي الأمريكي والعالمي، أن يظل مستقلاً في قراراته النقدية إذا جلس على طاولته مسؤول سابق وحالي في نفس الوقت ضمن الدائرة المقربة من الرئيس؟
و يتكوّن مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي من سبعة أعضاء يتم تعيينهم من قبل الرئيس ويوافق عليهم مجلس الشيوخ، إضافة إلى رؤساء البنوك الفيدرالية الإقليمية الذين يشاركون في التصويت داخل لجنة السوق المفتوحة وفق نظام دوري. تعيين عضو جديد مثل ستيفن ميران لا يعني بالضرورة قلب موازين القرارات، لكنه قد يؤثر على النقاشات الداخلية ويوجهها نحو مقاربة أكثر تشدداً أو مرونة في السياسة النقدية، خاصة إذا جاء في مرحلة حساسة تتعلق بالتضخم وأسعار الفائدة. ومع ذلك، يبقى التوازن في القرارات مرهوناً بعمل جماعي وتوافق داخل المجلس، ما يقلل من احتمالية أن يغيّر فرد واحد اتجاه السياسة النقدية كلياً.
وجود شخصية ذات ارتباط مباشر بالإدارة قد يثير مخاوف المستثمرين من أن قرارات الفيدرالي قد تُوجَّه سياسياً نحو دعم السياسات الحكومية قصيرة المدى على حساب الأهداف التقليدية للمؤسسة، مثل مكافحة التضخم والحفاظ على الاستقرار النقدي. كما قد يزيد ذلك من حدة الجدل الدائر في الولايات المتحدة حول ما إذا كان الفيدرالي لا يزال محايداً، أم أصبح جزءاً من الاستقطاب السياسي المتصاعد.
