يُعد البروفيسور منير بوشناقي واحدًا من أبرز خبراء الآثار وحماية التراث الثقافي على المستوى الدولي، حيث كرّس أكثر من خمسين عامًا من حياته لمجال صون التراث والحفاظ على الهوية الثقافية للأمم. وُلد بوشناقي في 16 نوفمبر 1943 بمدينة تلمسان الجزائرية، وبدأ مسيرته الأكاديمية بالحصول على شهادة الماجستير في الآثار من جامعة الجزائر، قبل أن ينال الدكتوراه في علم الآثار والتاريخ القديم من جامعة إكس أون بروفانس الفرنسية.
بدأ بوشناقي مسيرته العملية كأمين متحف في مواقع أثرية جزائرية بارزة مثل تيمقاد وتيبازة، حيث أشرف على عمليات الحفظ والترميم، مع التركيز على إبقاء الهوية التاريخية حية أمام الزوار والأجيال القادمة.
انضم بعد ذلك إلى منظمة اليونسكو عام 1982، حيث شغل مناصب رفيعة المستوى على مدار عقود. تولى إدارة مركز التراث العالمي بين 1998 و2000، ثم أصبح مساعد المدير العام للثقافة من 2000 إلى 2006، قبل أن يتولى منصب مدير عام المركز الدولي لصون وترميم التراث الثقافي من 2006 إلى 2011. لاحقًا، عمل كمستشار خاص للمدير العام لليونسكو لشؤون التراث، مسهمًا بخبرته الطويلة في وضع استراتيجيات حماية التراث على المستوى الدولي.
كما قدم بوشناقي خدماته على الصعيد الإقليمي والعربي، حيث عمل مستشارًا للتراث العالمي في هيئة البحرين للثقافة والآثار، وأسهم في تنظيم فعاليات ومؤتمرات لتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على المواقع الأثرية والتاريخية.
تميزت مسيرة بوشناقي بالمشاركة في مشاريع تراثية عالمية ذات أهمية استراتيجية، منها:
إعادة بناء جسر موستار في البوسنة والهرسك، الذي دُمّر أثناء النزاع في التسعينيات، ليصبح رمزًا للسلام وإعادة الإعمار الثقافي.
ترميم المتحف الوطني في بيروت بعد الحرب الأهلية، ليستعيد جزءًا من الهوية الثقافية اللبنانية المهددة.
المشاركة في حماية وتطوير موقع أنغكور التاريخي في كمبوديا، وهو موقع مدرج على قائمة التراث العالمي لليونسكو، ضمن الجهود الدولية للحفاظ على المواقع الأثرية المهمة.
في 18 سبتمبر 2025، تم تكريم البروفيسور منير بوشناقي في الجزائر خلال افتتاح جلسات الألكسو الشرفية حول التراث الثقافي في الوطن العربي، تقديرًا لمساهماته الاستثنائية في صون التراث الثقافي العربي والعالمي. وقد أكد الحفل أن هذا التكريم يعكس مكانة الجزائر الرائدة في حماية التراث وتعزيز الهوية الثقافية للأمة العربية.
يُعتبر البروفيسور منير بوشناقي رمزًا عالميًا في مجال حماية التراث الثقافي، إذ جمع بين الخبرة الأكاديمية والممارسة العملية، وأثبت أن الحفاظ على التراث ليس مجرد مهمة مهنية، بل واجب أخلاقي وإنساني تجاه الأجيال القادمة. ومن خلال أعماله ومشاريعه الدولية، ساهم في ترسيخ فكرة أن الهوية الثقافية للأمم تُحفظ عبر الاهتمام بالآثار والمواقع التاريخية، ليبقى اسمه مرتبطًا بالوعي العالمي بأهمية التراث الثقافي وصونه.
