في حوار مع موقع الصحفي، قدّم الباحث المصري والخبير في شؤون الإسلام السياسي، ماهر فرغلي، رؤيته حول إعلان تنظيم داعش عن “ولاية فزان” في ليبيا، والتحديات الأمنية التي يفرضها هذا التحول على المنطقة. فرغلي، الذي يمتلك خبرة طويلة في متابعة تحولات التنظيمات الجهادية والإسلام الحركي، سلط الضوء على أبعاد هذا الإعلان، من بوابة الجنوب الليبي إلى العمق الإفريقي، واستراتيجيات التنظيم الجديدة في استغلال الأزمات الداخلية والصراعات بين الميليشيات لتعزيز نفوذه.
الصحفي: ما الذي يمثله إعلان التنظيم الإرهابي عن “ولاية فزان” في ليبيا من الناحية الاستراتيجية؟
ماهر فرغلي: “يمثل عودة داعش من خلال بوابة الجنوب الليبي والعمق الإفريقي في الصحراء، حيث ولاية الصحراء الداعشية. وبالرصد والتحليل الجيوستراتيجي لعمليات التنظيم خلال السنوات الخمس الماضية، نجد أن النشاط الإرهابي تركز في فزان بنسبة 68% من إجمالي الهجمات، ووادي الحياة 22%، وطرابلس الكبرى 5%. كما اعتمد 82% من الهجمات على أسلوب الكمائن، و12% هجمات انتحارية، و6% عمليات اغتيال. بين 2020 و2023، كان تحول التنظيم الجغرافي واضحًا نحو الجنوب، مع استهداف 75% من عملياته للقوات الأمنية، و20% للبنية التحتية، و5% عمليات إرهابية عشوائية.”
الصحفي: هل يعكس ذلك انتقالًا في بؤرة نشاطه من الساحل الإفريقي نحو العمق الليبي؟
ماهر فرغلي: “نعم، يمثل انتقالًا نحو العمق الليبي، وتحديدًا فزان، التي اتخذها ولاية له جديدة. التنظيم يقوم بهذه العمليات حاليًا في بني وليد، مستغلاً الخلافات بين الميليشيات. داعش استغل الأزمات والصراعات للتخطيط لإقامة ولاية فزان، كإحدى الولايات البعيدة التي يشرف عليها فرع العمليات الخارجية، وقد استخدم قدراته الرقمية، مستفيدًا من عناصر متخصصة في المجال الرقمي وتكنولوجيا المعلومات، ما مكّنه من الجمع بين وجوده المادي وامتداده الافتراضي، وخداع قاعدة جماهيرية ليست بالصغيرة في بعض الأماكن.”
الصحفي: برأيكم، كيف يمكن قراءة اختيار بني وليد لتدشين هذا الظهور الجديد بعملية انتحارية، وما دلالات أن المنفذ كان من النيجر؟
ماهر فرغلي: “التنظيم يحتفظ بقدرات تهديدية محدودة لكنها خطيرة، مع تركيز نشاطه في المناطق الجنوبية والحدودية إلى ثغور بين الحدود الليبية الجزائرية والتشادية والنيجر، التي جند فيها عناصر كثيرة، وتواجد منها العديد من المهاجرين الذين انضموا إلى ميليشيات ليبية متعددة. بناءً على ذلك، وجه التنظيم عبر صحيفة “النبأ” الأسبوع الماضي دعوة لإحياء ‘الجهاد’ في ليبيا، محددًا مزايا الموقع الجغرافي للبلاد واصفًا ليبيا بأنها ‘المفتاح نحو الصحراء الإفريقية وأوروبا’.”
الصحفي: بعد مقتل المهدي سالم دنقو، من يُحتمل أن يخلفه على قيادة ما يسمى بـ”جيش الصحراء”، وما أبرز المجموعات التي يمكن أن تندمج أو تتحالف معه جنوب ليبيا؟
ماهر فرغلي: “قادة داعش الحاليين غير معروفين، وقد يكونوا من جنسيات أخرى، أما القادة الليبيون فمنهم محمد البرعصي ومحمد المهشمش، وهم عناصر خطرة هاربة.”
الصحفي: إلى أي مدى يشكل تمدد التنظيم في فزان تهديدًا مباشرًا للأمن الإقليمي عامة، وبالنسبة لدول المغرب العربي خاصة؟
ماهر فرغلي:“ليبيا ليست قضية محلية مرتبطة بأزماتها الداخلية، وإنما جزء من خطة أوسع تستهدف العمق العربي والأوروبي. هذا يفتح المجال أمام ربط الدولة الليبية بملف ‘الهجرة الجهادية’ عبر البحر المتوسط، لأن التنظيم يعتبرها جسرًا محتملًا نحو ‘أرض الصراع الكبرى’. وهي أقرب وأسهل للوصول إلى أوروبا مقارنة بالشام أو العراق، مما يجعل ليبيا حلقة في مشروع صدام عالمي وأفريقي، ما يزيد خطورة الموقف على الدول المجاورة، منها مصر والجزائر وتونس.”


















