في 15 نوفمبر 1988، شهدت العاصمة الجزائرية حدثًا تاريخيًا مفصليًا للقضية الفلسطينية، حين أعلن المجلس الوطني الفلسطيني، برئاسة ياسر عرفات، رسميًا قيام دولة فلسطين على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وجُعلت القدس الشرقية عاصمة لها. وتعد الجزائر الدولة المضيفة لهذا الإعلان، الذي جاء تأكيدًا على دعمها المستمر للقضية الفلسطينية ورمزًا لمساندتها للحقوق السياسية للشعب الفلسطيني، واستمرت هذه الأحداث والدعوات الدولية حتى بلغ عدد الدول التي تعترف رسميًا بدولة فلسطين نحو ثلاثة أرباع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وعددها 193 دولة.
و بعد اعلان الدول الغربية قيام ما سمي بدولة “إسرائيل” فوق الأراضي الفلسطينية عام 1948، شهدت القضية الفلسطينية العديد من المحاولات لتثبيت الحقوق الفلسطينية على الصعيدين السياسي والدبلوماسي. وقد جاء إعلان الجزائر في وقت كانت فيه الضغوط الدولية تتزايد على إسرائيل، وكانت الحاجة ماسة لإعطاء الفلسطينيين كيانًا سياسيًا رسميًا يمثّلهم على الساحة الدولية.
مضمون إعلان الجزائر لقيام دولة فلسطين :
و أكد المجلس الوطني الفلسطيني في إعلان الجزائر على:
- إقامة دولة فلسطين المستقلة على حدود عام 1967.
- اعتبار القدس الشرقية عاصمة الدولة.
- الالتزام بـ حل الدولتين كإطار لتحقيق سلام دائم.
- رفض الاحتلال الإسرائيلي ومواصلة النضال لاستعادة الحقوق الفلسطينية.
- احترام الالتزامات الدولية وقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
و قدمت الجزائر دعمًا غير مسبوق لإنجاح الإعلان، بدءًا من استضافة المجلس الوطني الفلسطيني، ووصولًا إلى توفير الإطار السياسي والدبلوماسي الملائم لتبني هذا القرار التاريخي. وبذلك، أكدت الجزائر موقفها الثابت كداعم لحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم المستقلة.
و رحبت الدول العربية والإسلامية بإعلان قيام دولة فلسطين واعتبرته خطوة تاريخية لتثبيت الحقوق الفلسطينية، فيما كان موقف بعض الدول الغربية متحفظًا في البداية، قبل أن تبدأ عدة دول لاحقًا بالاعتراف بفلسطين تدريجيًا، متأثرة بالضغط الدبلوماسي العربي والدولي.
و قد ساهم إعلان دولة فلسطين في الجزائر في اثبات أن القضية الفلسطينية ليست مجرد نزاع محلي، بل قضية دولية لها أبعاد سياسية ودبلوماسية واسعة. ومنذ ذلك الحين، أصبح الاعتراف بدولة فلسطين خطوة رمزية ومحورية للعديد من الدول، كما عزّز مكانة منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني.
و أدى إعلان قيام دولة فلسطين إلى دفع عدة دول للاعتراف الرسمي بها، كما شكل نقطة انطلاق لتعزيز حضور فلسطين في المحافل الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة والمنظمات العربية والإسلامية والدولية، مؤكدًا مرة أخرى الدور الريادي للجزائر في دعم الحقوق الفلسطينية على المستويات السياسية والإنسانية والدبلوماسية.
